ص : ٦٧٢
أقبل. فإذا ثوب بها أدبر. فإذا قضى أقبل، حتى يخطر بين الإنسان وقلبه، فيقول : اذكر كذا اذكر كذا- لما لم يكن يذكر- حتى لا يدري : أثلاثا صلى أم أربعا؟ فإذا لم يدر : أثلاثا صلى أم أربعا؟ سجد سجدتي السهو».
ومن وسوسته : ما
ثبت في الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال :«يأتي الشيطان أحدكم فيقول : من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول :
من خلق اللّه؟ فمن وجد ذلك فليستعذ باللّه ولينته».
وفي الصحيح : أن أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قالوا :«يا رسول اللّه إن أحدنا ليجد في نفسه ما لأن يخرّ من السماء إلى الأرض أحبّ إليه من أن يتكلم به. قال : الحمد للّه الذي رد كيده إلى الوسوسة».
ومن وسوسته أيضا : أن يشغل القلب بحديثه حتى ينسيه ما يريد أن يفعله. ولهذا يضاف النسيان إليه إضافته إلى سببه. قال تعالى : حكاية عن صاحب موسى إنه قال : ١٨ : ٦٣ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ.
وتأمل حكمة القرآن وجلالته كيف أوقع الاستعاذة من شر الشيطان الموصوف بأنه «الوسواس الخناس، الذي يوسوس في صدور الناس» ولم يقل : من شر وسوسته : لتعم الاستعاذة شره جميعه. فإن قوله : مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ يعم كل شره. ووصفه بأعظم صفاته وأشدها شرا، وأقواها تأثيرا وأعمها فسادا. وهي الوسوسة التي هي مبادئ الإرادة. فإن القلب يكون فارغا من الشر والمعصية فيوسوس إليه، ويخطر الذنب بباله، فيصوره لنفسه ويمنيه، ويشهيه، فيصير شهوة، ويزينها له ويحسنها، ويخيلها له في خياله، حتى تميل نفسه إليه فيصير إرادة. ثم لا يزال يمثل له ويخيل ويمنى ويشهى وينسى علمه بضررها، ويطوى عنه سوء عاقبتها. فيحول بينه وبين مطالعته، فلا يرى إلا صورة المعصية والتذاذه بها فقط. وينسى ما وراء ذلك. فتصير الإرادة عزيمة جازمة. فيشتد الحرص عليها من القلب. فيبعث