قوله تعالى (إِنَّ الَّذينَ جاءُوا بِالإِفكِ عُصبَةٌ مِنكُم) الآيات. أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقري قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن علي المقري قال: أخبرنا أبو يعلى قال: أخبرنا أبو الوسيع الزهراني قال: أخبرنا فليح بن سليمان المدني، عن الزهري، عن عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب وعلقمة بن وقاص وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عائشة زوج النبي عليه الصلاة والسلام حين قال فيها أهل الإفك ما قالوا، فبرأها الله تعالى منه. قال الزهري: وكلهم حدثني طائفة من حديثها وبعضهم كان أوعى لحديثها من بعض، وأتيت اقتصاصاً ووعيت عن كل واحد الحديث الذي حدثني. وبعض حديثهم يصدق بعضاً. ذكروا أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي ﷺ قالت: كان رسول الله ﷺ إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه، قالت عائشة رضي الله عنها: فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج فيها سهمي، فخرجت مع رسول الله ﷺ وذلك بعد ما نزلت آية الحجاب، فأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه مسيرنا حتى فرغ رسول الله ﷺ من غزوته وقفل ودنونا من المدينة أذن ليلة بالرحيل، فقمت حين آذنوا بالرحيل ومشيت حتى جاوزت الجيش، فلما قضيت شأني أقبلت إلى الرحل، فلمست صدري فإذا عقد من جزع ظفار قد انقطع، فرجعت فالتمست عقدي، فحبسني ابتغاؤه، وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون، فحملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب وهم يحسبون أني فيه، قالت عائشة: وكانت النساء إذ ذاك خفافاً لم يهبلن ولم يغشهن اللحم إنما يأكلن العلقة من الطعام، فلم يستنكر القوم ثقل الهودج حين رحلوه ورفعوه، وكنت جارية حديثة السن، فبعثوا الجمل وساروا ووجدت عقدي بعد ما استمر الجيش، فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب، فتيممت منزلي الذي كنت فيه وظننت أن القوم سيفقدوني فيرجعوا إلي، فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيناي فنمت، وكان صفوان بن المعطل السلمي الذكواني قد عرس من وراء الجيش، فأدلج فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائم، فأتاني فعرفني حين رآني، وقد كان يراني قبل أن يضرب علي الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني.