قوله (يَسأَلونَكَ عَنِ الشَهرِ الحَرامِ) الآية، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الشيرازي قال: حدثنا أبو الفضل محمد بن عبد الله بن خميرويه الهروي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الخزاعي قال: حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع قال: أخبرني شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري قال: أخبرني عروة بن الزبير أن رسول الله ﷺ بعث سرية من المسلمين، وأمر عليهم عبد الله بن جحش الأسدي، فانطلقوا حتى هبطوا نخلة ووجدوا بها عمرو بن الحضرمي في عير تجارة لقريش في يوم بقي من الشهر الحرام، فاختصم المسلمون، فقال قائل منهم: لا نعلم هذا اليوم إلا من الشهر الحرام، ولا نرى أن تستحلوا لطمع أشفيتم عليه فغلب على الأمر الذين يريدون عرض الدنيا فشدوا على ابن الحضرمي فقتلوه وغنموا عيره، فبلغ ذلك كفار قريش. وكان ابن الحضرمي أول قتيل قتل بين المسلمين والمشركين، فركب وفد من كفار قريش حتى قدموا على النبي ﷺ فقالوا: أتحل القتال في الشهر الحرام؟ فأنزل الله تعالى (يَسأَلونَكَ عَنِ الشَهرِ الحَرامِ قِتالٍ فيهِ) إلى الغاية.
أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد الحراني قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد الرازي قال: حدثنا سهل بن عثمان قال: حدثنا يحيى بن أبي زائدة، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري قال: بعث رسول الله ﷺ عبد الله بن جحش ومعه نفر من المهاجرين، فقتل عبد الله بن واقد الليثي عمرو بن الحضرمي في آخر يوم من رجب، وأسروا رجلين، واستاقوا العير، فوقف على ذلك النبي ﷺ وقال: لم آمركم بالقتال في الشهر الحرام، فقالت قريش: استحل محمد الشهر الحرام، فنزلت (يَسأَلونَكَ عَنِ الشَهرِ الحَرامِ) إِلى قوله (وَالفِتنَةُ أَكبَرُ مَنَ القَتلِ) أي قد كانوا يقتلونكم وأنتم في حرم الله بعد إيمانكم، وهذا أكبر عند الله من أن تقتلوهم في الشهر الحرام مع كفرهم بالله. قال الزهري: لما نزل هذا قبض رسول الله ﷺ العير وفادى الأسيرين، ولما فرج الله تعالى عن أهل تلك السرية ما كانوا فيه من غم طمعوا فيما عند الله من ثوابه، فقالوا: يا نبي الله أنطمع أن تكون غزوة ولا نعطى فيها أجر المجاهدين في سبيل الله؟ فأنزل الله تعالى فيهم (إِنَّ الَّذينَ آَمَنوا وَالَّذينَ هاجَروا وَجاهَدوا) الآية.


الصفحة التالية
Icon