أخبرنا أحمد بن الحسين الكاتب قال: حدثنا محمد بن أحمد بن شاذان قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: حدثنا أبو سعيد الأشج قال: حدثنا يحيى بن يمان، عن عبد الوهاب بن مجاهد، عن أبيه قال: كان لعلي رضي الله عنه أربعة دراهم، فأنفق درهماً بالليل، ودرهماً بالنهار، ودرهماً سراً ودرهماً علانية، فنزلت (الَّذينَ يُنفِقونَ أَموالَهُم بِاللَّيلِ وَالنَهارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً).
وقال الكلبي: نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب رضي الله عنه لم يكن يملك غير أربعة دراهم، فتصدق بدرهم ليلاً، وبدرهم نهاراً، وبدرهم سراً، وبدرهم علانية، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما حملك على هذا؟ قال: حملني أن أستوجب على الله الذي وعدني، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا إن ذلك لك، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
قوله (يا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا اِتَّقوا اللهَ وَذَروا ما بَقِيَ مِنَ الرِبا) أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن جعفر قال: أخبرنا أبو عمرو بن حمدان قال: أخبرنا أبو يعلى قال: حدثنا أحمد بن الأحمشي قال: حدثنا محمد بن فضيل قال: حدثنا الكلبي. عن أبي صالح. عن ابن عباس: بلغنا والله أعلم أن هذه الآية نزلت في بني عمرو بن عمير بن عوف من ثقيف، وفي بني المغيرة من بني مخزوم، وكانت بنو المغيرة يربون لثقيف، فلما أظهر الله تعالى رسوله على مكة، وضع يومئذ الربا كله، فأتى بنو عمرو بن عمير وبنو المغيرة إلى عتاب بن أسيد وهو على مكة، فقال بنو المغيرة: ما جعلنا أشقى الناس بالربا وضع عن الناس غيرنا، فقال بنو عمرو بن عمير: صولحنا على أن لنا ربانا، فكتب عتاب في ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية والتي بعدها (فَإِن لَم تَفعَلوا فَأَذَنوا بِحَربٍ مِنَ اللهِ وَرَسولِهِ) فعرف بنو عمرو أن لا يدان لهم بحرب من الله ورسوله، يقول الله تعالى (فَإِن تُبتُم فَلَكُم رُءوسُ أَموالِكُم لا تَظلِمونَ) فتأخذون أكثر (وَلا تُظلَمونَ) فتبخسون منه.
وقال عطاء وعكرمة: نزلت هذه الآية في العباس بن عبد المطلب وعثمان بن عفان، وكانا قد أسلفا في التمر، فلما حضر الجداد قال لهما صاحب التمر: لا يبقى لي ما يكفي عيالي إذا أنتما أخذتما حظكما كله، فهل لكما أن تأخذا النصف وأضعف لكما، ففعلا، فلما حل الأجل طلبا الزيادة، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنهاهما وأنزل الله تعالى هذه الآية، فسمعا وأطاعا وأخذا رءوس أموالهما.
وقال السدي: نزلت في العباس وخالد بن الوليد، وكانا شريكين في الجاهلية يسلفان في الربا، فجاء الإسلام ولهما أموال عظيمة في الربا، فأنزل الله تعالى هذه الآية، فقال النبي ﷺ (ألا إن كل ربا من ربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضعه ربا العباس بن عبد المطلب).
قوله (وَإِن كانَ ذو عُسرَةٍ) قال الكلبي: قالت بنو عمرو بن عمير لبني المغيرة: هاتوا رءوس أموالنا ولكم الربا ندعه لكم، فقالت بنو المغيرة: نحن اليوم أهل عسرة فأخرونا إلى أن تدرك الثمرة، فأبوا أن يؤخروهم، فأنزل الله تعالى (وَإِن كانَ ذو عُسرَةٍ) الآية.


الصفحة التالية
Icon