وقال جبير عن الضحاك عن ابن عباس: نزلت في عبادة بن الصامت الأنصاري وكان بدرياً نقيباً، وكان له حلفاء من اليهود، فلما خرج النبي ﷺ يوم الأحزاب قال عبادة: يا نبي الله إن معي خمسمائة رجل من اليهود، وقد رأيت أن يخرجوا معي فأستظهر بهم على العدو، فأنزل الله تعالى (لا يَتَّخِذِ المُؤمِنينَ الكافِرينَ أَولِياءَ) الآية.
قوله (قُل إِن كُنتُم تُحِبّونَ اللهَ) الآية، قال الحسن وابن جريج: زعم أقوام على عهد رسول الله ﷺ أنهم يحبون الله، فقالوا: يا محمد إنا نحب ربنا فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وروى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال: وقف النبي ﷺ على قريش وهم في المسجد الحرام، وقد نصبوا أصنامهم وعلقوا عليها بيض النعام، وجعلوا في آذانها الشنوف، وهم يسجدون لها، فقال: يا معشر قريش لقد خالفتم ملة أبيكم إبراهيم وإسماعيل، ولقد كانا على الإسلام، فقالت قريش: يا محمد إنما نعبد هذه حباً لله ليقربونا إلى الله زلفى، فأنزل الله تعالى (قُل إِن كُنتُم تُحِبّونَ اللهَ) وتعبدون الأصنام لتقربكم إليه (فَاِتَّبِعوني يُحبِبكُمُ اللهُ) فأنا رسوله إليكم وحجته عليكم، وأنا أولى بالتعظيم من أصنامكم.
وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: أن اليهود لما قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه أنزل الله تعالى هذه الآية، فلما نزلت عرضها رسول الله ﷺ على اليهود، فأبوا أن يقبلوها.
وروى محمد بن إسحاق بن يسار عن محمد بن جعفر بن الزبير قال: نزلت في نصارى نجران، وذلك أنهم قالوا: إنما نعظم المسيح ونعبده حباً لله وتعظيماً له، فأنزل الله تعالى هذه الآية رداً عليهم.
قوله تعالى (إِنَّ مَثَلَ عيسى عِندَ اللهِ) الآية. قال المفسرون: إن وفد نجران قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: مالك تشتم صاحبنا؟ قال: وما أقول؟ قالوا: تقول إنه عبد، قال: أجل إنه عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى العذراء البتول، فغضبوا وقالوا: هل رأيت إنساناً قط من غير أب؟ فإن كنت صادقاً فأرنا مثله، فأنزل الله عز وجل هذه الآية.
أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد الحارثي قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر، أخبرنا أبو يحيى الرازي، أخبرنا سهل بن عثمان، أخبرنا يحيى ووكيع، عن مبارك، عن الحسن قال: جاء راهبا نجران إلى النبي ﷺ فعرض عليهما الإسلام، فقال أحدهما: إنا قد أسلمنا قبلك، فقال: كذبتما إنه يمنعكما من الإسلام ثلاث: عبادتكم الصليب، وأكلكم الخنزير، وقولكم لله ولد، قالا: من أبو عيسى؟ وكان لا يعجل حتى يأمره ربه، فأنزل الله تعالى (إِنَّ مَثَلَ عيسى) الآية.
قوله (فَقُل تَعالَوا نَدعُ أَبناءَنا وَأَبناءَكُم) الآية، أخبرنا أبو سعيد عبد الرحمن بن محمد الرهجائي، أخبرنا أحمد بن جغفر بن مالك حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا أبي قال: حدثنا حسين قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن يونس، عن الحسن قال: جاء راهبا نجران إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لهما: أسلما تسلما، فقالا: قد أسلمنا قبلك، فقال: كذبتما، يمنعكما من الإسلام سجودكما للصليب، وقولكما اتخذ الله ولداً وشربكما الخمر، فقالا: ما تقول في عيسى؟ قال: فسكت النبي ﷺ ونزل القرآن (ذَلِكَ نَتلوهُ عَلَيكَ مِنَ الآياتِ وَالذِكرِ الحَكيمِ) إلى قوله (فَقُل تَعالَوا نَدعُ أَبناءَنا وَأبناءَكُم) الآية، فدعاهما رسول الله ﷺ إلى الملاعنة، وقال: وجاء بالحسن والحسين وفاطمة وأهله وولده عليهم السلام، قال: فلما خرجا من عنده قال أحدهما لصاحبه: اقرر بالجزية ولا تلاعنه، فأقر بالجزية، قال: فرجعا فقالا نقر بالجزية ولا نلاعنك.