قوله (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ المُؤمِنينَ عَلى ما أَنتُم عَليهِ) قال السدي: قال رسول الله صلى الله عليهم وسلم: عرضت علي أمتي في صورها كم عرضت على آدم، وأعلمت من يومن لي ومن يكفر، فبلغ ذلك المنافقين فاستهزءوا وقالوا: يزعم محمد أنه يعلم من يؤمن به ومن يكفر ونحن معه ولا يعرفنا، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال الكلبي: قالت قريش: تزعم يا محمد أن من خالفك فهو في النار والله عليه غضبان، وأن من اتبعك على دينك فهو من أهل الجنة والله عنه راض، فأخبرنا بمن يؤمن بك ومن لا يؤمن بك، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال أبو العالية: سأل المؤمنون أن يعطوا علامة يفرق بها بين المؤمن والمنافق، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
قوله (وَلا تَحسَبَنَّ الَّذينَ يَبخَلونَ بِما آَتاهُمُ اللهُ) الآية. جمهور المفسرين على أنها في مانعي الزكاة. وروى عطية عن ابن عباس أن الآية نزلت في أحبار اليهود الذين كتموا صفة محمد ﷺ ونبوته، وأراد بالبخل: كتمان العلم الذي آتاهم الله تعالى.
قوله (لَقَد سَمِعَ اللهُ قَولَ الَّذينَ قالوا) الآية. قال عكرمة والسدي ومقاتل ومحمد بن إسحاق: دخل أبو بكر الصديق رضي الله عنه ذات يوم بيت مدارس اليهود، فوجد ناساً من اليهود قد اجتمعوا إلى رجل منهم يقال له فنحاص بن عازوراء وكان من علمائهم، فقال أبو بكر لفنحاص: اتق الله وأسلم، فوالله إنك لتعلم أن محمداً رسول الله قد جاءكم بالحق من عند الله تجدونه مكتوباً عندكم في التوراة، فآمن وصدق وأقرض الله قرضاً حسناً يدخلك الجنة ويضاعف لك الثواب، فقال فنحاص: يا أبا بكر تزعم أن ربنا يستقرضنا أموالنا وما يستقرض إلا الفقير من الغني، فإن كان ما تقول حقاً فإن الله إذا لفقير ونحن أغنياء، ولو كان غنياً ما استقرضنا أموالنا، فغضب أبو بكر رضي الله عنه وضرب وجه فنحاص ضربة شديدة وقال: والذي نفسي بيده لولا العهد الذي بيننا وبينك لضربت عنقك يا عدو الله، فذهب فنحاص إلى رسول الله ﷺ فقال: يا محمد انظر إلى ما صنع بي صاحبك، فقال رسول الله ﷺ لأبي بكر: ما الذي حملك على ما صنعت؟ فقال: يا رسول الله إن عدو الله قال قولاً عظيماً، زعم أن الله فقير وأنهم أغنياء، فغضبت لله وضربت وجهه، فجحد ذلك فنحاص، فأنزل الله عز وجل رداً على فنحاص وتصديقاً لأبي بكر (لَقَد سَمِعَ اللهُ قَولَ الَّذينَ قالُوا) الآية.
أخبرنا عبد القاهر بن طاهر قال: أخبرنا أبو عمرو بن مطر قال: أخبرنا جعفر بن الليث الروذباري قال: حدثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: نزلت في اليهود، صك أبو بكر رضي الله عنه وجه رجل منهم، وهو الذي قال: إن الله فقير ونحن أغنياء، قال شبل: بلغني أنه فنحاص اليهودي، وهو الذي قال (يَدُ اللهِ مَغلولَة).
قوله تعالى (الَّذينَ قالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلينا) الآية. قال الكلبي: نزلت في كعب بن الأشرف ومالك بن الصيف ووهب بن يهوذا وزيد بن تابوه وفي فنحاص بن عازوراء وحيي بن أخطب، أتوا رسول الله ﷺ فقالوا: تزعم أن الله بعثك إلينا رسولاً، وأنزل عليك كتاباً، وإن الله قد عهد إلينا في التوراة أن لا نؤمن لرسول يزعم أنه من عند الله حتى يأتينا بقربان تأكله النار، فإن جئتنا به صدقناك، فأنزل الله تعالى هذه الآية.