وقال الكلبي عن ابن صالح عن ابن عباس: أصاب الناس سنة جهدوا فيها فحشروا إلى باب إبراهيم عليه الصلاة والسلام يطلبون الطعام وكانت الميرة له كل سنة من صديق له بمصر، فبعث غلمانه بالإبل إلى مصر يسأله الميرة، فقال خليله: لو كان إبراهيم إنما يريد لنفسه احتملنا ذلك له، وقد دخل علينا ما دخل على الناس من الشدة، فرجع رسل إبراهيم، فمروا ببطحاء، فقالوا: لو احتملنا من هذه البطحاء ليرى الناس أنا قد جئنا بالميرة، إنا نستحيي أن نمر بهم وإبلنا فارغة، فملئوا تلك الغرائر رملاً، ثم إنهم أتوا إبراهيم عليه السلام وسارة نائمة فأعلموه ذلك، فاهتم إبراهيم عليه السلام بمكان الناس، فغلبته عيناه فنام، واستيقظت سارة، فقامت إلى تلك الغرائر ففتقتها، فإذا هو أجود حوار يكون، فأمرت الخبازين فخبزوا وأطعموا الناس، واستيقظ إبراهيم عليه السلام فوجد ريح الطعام، فقال: يا سارة من أين هذا الطعام؟ قالت: من عند خليلك المصري، فقال: بل من عند خليلي الله لا من عند خليلي المصري، فيومئذ اتخذ الله إبراهيم خليلاً.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المزكي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يزيد الحوري قال: حدثنا إبراهيم بن شريك قال: حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي المهلب الكنائي، عن عبد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم بن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، وإنه لم يكن نبي إلا وله خليل ألا وإن خليلي أبو بكر).
وأخبرني الساهر أبو إسماعيل بن الحسين النقيب قال: أخبرنا جدي قال: أخبرنا أبو محمد الحسين بن حماد قال: أخبرنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي قال: أخبرنا سعيد بن أبي مريم قال: حدثنا سلمة قال: حدثني زيد بن واقد، عن القاسم بن نجيد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اتخذ الله إبراهيم خليلاً وموسى نجياً واتخذني حبيباً، ثم قال: وعزتي لأوثرن حبيبي على خليلي ونجيي) قوله تعالى (وَيَستَفتونَكَ في النِساءِ) الآية. أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي قال: حدثنا محمد بن يعقوب قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزبير، عن عائشة قالت: ثم إن الناس استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى هذه الآية (وَيَستَفتونَكَ في النِساءِ قُلِ اللهُ يُفتيكُم فيهِنَّ وَما يُتلى عَلَيكُم في الكِتابِ) الآية. قالت: والذي يتلى عليهم في الكتاب الآية الأولى التي قال فيها (وَإِن خِفتُم أَلّا تُقسِطوا في اليَتامى) قالت عائشة رضي الله عنها: وقال الله تعالى في الآية الأخرى (وَتَرغَبونَ أَن تَنكِحوهُنَّ) رغبة أحدكم عن يتيمته التي تكون في حجره حين تكون قليلة المال والجمال، فنهوا أن ينكحوا ما رغبوا في مالها وجمالها من باقي النساء إلا بالقسط من أجل رغبتهم عنهن. رواه مسلم عن حرملة عن ابن وهب.
قوله تعالى (وإِن اِمرأَةٌ خافَت) الآية. أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد بن الحرث قال: أخبرنا عبد الله بن حماد بن جعفر قال: حدثنا أبو عمر قال: حدثنا سهل قال: حدثنا عبد الرحمن بن سلمان، عن هشام، عن عروة، عن عائشة في قول الله تعالى (وَإِن اِمرَأَةٌ خافَت مِن بَعلِها نُشوزاً) إلى آخر الآية. نزلت في المرأة تكون عند الرجل فلا يستكثر منها ويريد فراقها، ولعلها أن تكون لها صحبة ويكون لها ولد فيكره فراقها، وتقول له: لا تطلقني وأمسكني وأنت في حل من شأني، فأنزلت هذه الآية. رواه البخاري عن محمد بن مقاتل، عن ابن المبارك. ورواه مسلم عن أبي كريب وأبي أسامة، كلاهما عن هشام.
أخبرنا أبو بكر الحيري قال: حدثنا محمد بن يعقوب قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن عيينة، عن الزهري، عن ابن المسيب، أن بنت محمد بن سلمة كانت عند رافع بن صبيح، فكره منها أمراً، إما كبراً وإما غيره، فأراد طلاقها، فقالت: لا تطلقني وأمسكني واقسم لي ما بدا لك، فأنزل الله تعالى (وَإِن اِمرَأَةٌ خافَت مِن بَعلِها نُشوزاً أَو إِعراضاً).


الصفحة التالية
Icon