وقال سعيد بن جبير: نزلت هذه الآية في عدي بن حاتم وزيد بن المهلهل الطائيين وهو زيد الخيل الذي سماه رسول الله ﷺ زيد الخير، فقالا: يا رسول الله إنا قوم نصيد بالكلاب والبزاة فإن كلاب آل درع وآل حورية تأخذ البقر والحمر والظباء والضب، فمنه ما يدرك ذكاته ومنه ما يقتل فلا يدرك ذكاته وقد حرم الله الميتة فماذا يحل لنا منها؟ فنزلت (يَسأَلونَكَ ماذا أُحِلَّ لَهُم قُل أُحِلَّ لَكُم الطَيِّباتُ) يعني الذبائح (وَما عَلَّمتُم مِّنَ الجَوارِحِ) يعني وصيد ما علمتم من الجوارح وهي الكواسب من الكلاب وسباع الطير.
قوله تعالى (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا اُذكُروا نِعمَةَ اللهِ عَلَيكُم إِذ هَمَّ قَومٌ أَن يَبسُطوا إِلَيكُم أَيدِيَهُم) الآية. أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد بن جعفر المؤذن قال: أخبرنا أبو علي الفقيه قال: أخبرنا أبو لبابة محمد بن المهدي الميهني قال: حدثنا عمار بن الحسن قال: حدثنا سلمة بن الفضل قال: حدثنا محمد بن إسحاق، عن عمر بن عبيد، عن الحسن البصري، عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن رجلاً من محارب يقال له غورث بن الحرث قال لقومه من غطفان ومحارب: ألا أقتل لكم محمداً؟ قالوا: نعم، وكيف تقتله؟ قال: أفتك به، قال: فأقبل إلى رسول الله ﷺ وهو جالس وسيفه في حجره، فقال: يا محمد أنظر إلى سيفك هذا؟ قال: نعم، فأخذه فاستله، ثم جعل يهزه ويهم به، فكبته الله عز وجل، ثم قال: يا محمد ما تخافني؟ قال: لا، قال: ألا تخافني وفي يدي السيف؟ قال: يمنعني الله منك، ثم أغمد السيف ورده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى (اُذكُروا نِعمَةَ اللهِ عَلَيكُم إِذ هَمَّ قَومٌ أَن يَبسُطوا إِلَيكُم أَيدِيَهُم).
أخبرنا أحمد بن إبراهيم الثعلبي قال: أخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر، أن رسول الله ﷺ نزل منزلاً وتفرق الناس في العضاه يستظلون تحتها، فعلق النبي ﷺ سلاحه على شجرة، فجاء عرابي إلى سيف رسول الله ﷺ ثم أقبل عليه فقال: من يمنعك مني؟ قال؟ الله، قال ذلك الأعرابي مرتين أو ثلاثاً والنبي ﷺ يقول الله، فشام الأعرابي السيف، فدعا النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه فأخبرهم خبر الأعرابي وهو جالس إلى جنبه لم يعاقبه.
وقال مجاهد والكلبي وعكرمة: قتل رجل من أصحاب رسول الله ﷺ رجلين من بني سلم وبين النبي عليه الصلاة والسلام وبين قومهما موادعة، فجاء قومهما يطلبون الدية، فأتى النبي عليه الصلاة والسلام ومعه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة وعبد الرحمن بن عوف رضوان الله عليهم أجمعين، فدخلوا على كعب بن الأشرف وبني النضير يستعينهم في عقلهما، فقالوا: يا أبا القاسم قد آن لك أن تأتينا وتسألنا حاجة، اجلس حتى نطعمك ونعطيك الذي تسألنا، فجلس هو وأصحابه، فجاء بعضهم ببعض وقالوا: إنكم لم تجدوا محمداً أقرب منه الآن، فمن يظهر على هذا البيت فيطرح عليه صخرة فيريحنا منه؟ فقال عمر بن جحاش بن كعب أنا، فجاء إلى رحا عظيمة ليطرحها عليه، فأمسك الله تعالى يده، وجاء جبريل عليه السلام وأخبره بذلك، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأنزل الله تعالى هذه الآية.