حدثنا علي بن حمشاذ قال: حدثنا محمد بن منده الأصفهاني قال: حدثنا بكر بن بكار قال: حدثنا حمزة بن حبيب، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله (وَهُم يَنهونَ عَنهُ وَيَنأَونَ عَنهُ) قال: نزلت في أبي طالب كان ينهى المشركين أن يؤذوا رسول الله ﷺ ويتباعد عما جاء به، وهذا قول عمرو بن دينار والقاسم بن مخيمر. قال مقاتل: وذلك أن النبي ﷺ كان عند أبي طالب يدعوه إلى الإسلام، فاجتمعت قريش إلى أبي طالب يردون سؤال النبي ﷺ فقال أبو طالب:

وَاللهِ لا وَصَلوا إِلَيكَ بِجَمعِهِم حَتّى أُوَسدَ في التُرابِ دَفينا
فَاِصدَع بِأَمرِكَ ما عَلَيكَ غَضاضَةٌ وَاِبشِر وَقُرَّ بِذاكَ مِنكَ عُيونا
وَعَرَضتَ ديناً لا مَحالَةَ أَنَّهُ مِن خَيرِ أَديانِ البَرِيَّةِ دينا
لَولا المَلامَةُ أَو حِذاري سُبَّةً لَوَجَدتَني سَمحاً بِذاكَ مُبينا
فأنزل الله تعالى (وَهُم يَنهونَ عَنهُ) الآية.
وقال محمد بن الحنفية والسدي والضحاك: نزلت في كفار مكة كانوا ينهون الناس عن اتباع محمد ﷺ ويتباعدون بأنفسهم عنه، وهو قول ابن عباس في رواية الوالبي.
قوله تعالى (إِنَّهُ لَيُحزُنُكَ الَّذي يَقولونَ) الآية. قال السدي: التقى الأخنس بن شريق وأبو جهل بن هشام، فقال الأخنس لأبي جهل: يا أبا الحكم، أخبرني عن محمد أصادق هو أم كاذب؟ فإنه ليس هنا من يسمع كلامك غيري، فقال أبو جهل: والله إن محمداً لصادق وما كذب محمد قط، ولكن إذا ذهب بنو قصي باللواء والسقاية والحجابة والندوة والنبوة فماذا يكون لسائر قريش؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال أبو ميسرة: إن رسول الله ﷺ مر بأبي جهل وأصحابه فقالوا: يا محمد إنا والله ما نكذبك، وإنك عندنا لصادق، ولكن نكذب ما جئت به، فنزلت (فإِنَّهُم لا يُكَذِّبونَكَ وَلَكِنَّ الظالِمينَ بِآياتِ اللهِ يَجحَدونَ) وقال مقاتل: نزلت في الحرث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، كان يكذب النبي ﷺ في العلانية وإذا خلا مع أهل بيته قال: ما محمد من أهل الكذب ولا أحسبه إلا صادقاً، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
قوله تعالى (وَلا تَطرُدِ الَّذينَ يَدعونَ رَبَّهُم بِالغَداةِ وَالعَشِيِّ يُريدونَ وَجهَهُ) الآية. أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن أحمد بن جعفر قال: أخبرنا زاهر بن أحمد قال: أخبرنا الحسين بن محمد بن مصعب قال: حدثنا يحيى بن حكيم قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن المقدام بن شريح عن أبيه عن سعد قال: نزلت هذه الآية فينا ستة في وفي ابن مسعود وصهيب وعمار والمقداد وبلال، قالت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا لا نرضى أن نكون أتباعاً لهؤلاء فاطردهم، فدخل قلب رسول الله ﷺ من ذلك ما شاء الله أن يدخل، فأنزل الله تعالى عليه (وَلا تَطرُدِ الَّذينَ يَدعونَ رَبَّهُم بِالغَداةِ وَالعَشِيِّ يُريدونَ وَجهَهُ) الآية. رواه مسلم، عن زهير بن حرب، عن عبد الرحمن، عن سفيان عن المقدام.
أخبرنا أبو عبد الرحمن قال: أخبرنا أبو بكر بن زكريا الشيباني قال: أخبرنا أبو العباس محمد بن عبد الرحمن قال: حدثنا أبو صالح الحسين بن الفرج قال: حدثنا محمد بن مقاتل المروزي قال: حدثنا حكيم بن زيد قال: حدثنا السدي، عن أبي سعيد، عن أبي الكنود، عن خباب بن الأرت قال: فينا نزلت، كنا ضعفاء عند النبي ﷺ بالغداة والعشي، فعلمنا القرآن والخير، وكان يخوفنا بالجنة والنار وما ينفعنا والموت والبعث، فجاء الأقرع بن حابس التميمي وعيينة بن حصن الفزاري فقالا: إنا من أشراف قومنا وإنا نكره أن يرونا معهم فاطردهم إذا جالسناك، قال: نعم، قالوا: لا نرضى حتى تكتب بيننا كتاباً، فأتى بأديم ودواة، فنزلت هذه الآيات (وَلا تَطرُدِ الَّذينَ يَدعونَ رَبَّهُم بِالغَداةِ وَالعَشِيِّ يُريدونَ وَجهَهُ) إلى قوله تعالى (فَتَنّا بَعضَهُم بِبَعضٍ).


الصفحة التالية
Icon