وكذلك: (وَما دُعاؤا الكافِرينَ) حرف واحد. وهو الدعاء الظاهر في الملك على ألسنتهم وليس في قلوبهم فإنهم كافرون أبدا بقلوبهم. ألا ترى كيف سألوا الخزنة فقالوا (اِدعوا رَبَكُم يُخَفّف عَنّا يَوماً مِنَ العَذاب). و هم مقرون بأن الرسل أتتهم بالبينات وفي ما جاءت به الرسل إليهم أنهم لا ناصر لهم ولا شافع ولا راحم إذا دخلوا النار فسؤالهم الخزنة تكذيبهم لما جاءتهم به رسلهم فهم في ضلال في الدنيا والآخرة كافرون أبدا (وَلَو رُدوا لِما نُهوا عَنهُ).
وزيدت الألف تنبيها على ظهور دعائهم باللسان لا بالقلب فإن الذي ظهر باللسان غير ما في القلب والجنان.
وكذلك: ما تشاؤا أفرد في هود عضدت الهمزة لأنهم قصدوا ذلك من حيث الوجود وإن مشيئتهم في أعلا رتبة.
قالوه في مقابلة التحجير عليهم.
فهذا أصل جامع لجزئيات الحلال والحرام من جهة الإقدام والإحجام بحسب المشيئة والأحكام.
وكذلك: ابنؤا الله. " قالته " اليهود والنصارى يريدون أنهم أرفع طبقة في الناس عند الله وأنهم مكرمون عنده يغذيهم وينعم عليهم ولا يؤاخذهم بذنب.
وكذلك عضدت الهمزة بالياء في أربعة أحرف تنبيها على اختصاص معنى الكلمة بظهوره في المعنى الملكوتي.
منها: في يونس (مِن تِلقائي نَفسي) هو التلقاء الخاص الذي يظهر من قبل النفس ورأيها.
وفي النحل: (وَإِيتاي ذي القُربى) هو الإيتاء الخاص الذي بينه.
وفي طه: (وَمِ، ءاناىء اللَيل) هي آناء خاصة ملكوتية غير معينة بالحس.
وفي الشورى: (أَو مِن وَراىء حِجاب) هو الوراء الخاص بالملكوت الذي يظهر بالحجاب.
وهذه جوامع كلمات تندرج تحتها جزئيات. وقد قال بعض المصنفين، إن هذه اآيات زائدة بعد الهمزة وهو ضعيف، وجهة " العضد " أول بها. والله أعلم.
وإن كان الساكن قبل الهمزة غير الألف مثل الخبء وبرىء فإنها لا تعضد لأنها مع الألف تحذف في الوقف لأنه لا يجتمع ساكنان ولا يتأتى إلقاء حركتها عليه لسقط. وأما مع غير الألف فيتأتى إلقاء حركتها عليه فتسقط من وجهين فلذلك تعضد حيث يقوى معناها.
وأيضا يصح في الألف التطويل فيقوم فيه مقام الحركة: فقد يلتقي لأجل ذلك ساكنان نحو دابة والطامة. وفي قراءة ورش: (وَمَحياي وَأَرَأَيتَ) وشبه ذلك.
فصل إذا وقعت الهمزة وسطا في الكلمة المفردة أو المركبة
ونعني بالمركبة ما تألفت من كلمتين مثل: أنبائهم.
وليس السين مع الفعل المستقبل بتركيب لأن السين مختصر من سوف. وسوف كلمة مستقلة لا تركب مع الفعل. تقول العرب: سوف أقوم وسوأ قوم وسأقوم. فهي كالحروف العامة فاعلم.
فإن كان ما قبل الهمزة ألفا عضدت الهمزة ودبرها حركة نفسها مثل: (عَطآَءَنا) و (مَلائِكَة) لأنها ليست في موضع الوقف فتسكن ولا يتأتى إلقاء حركتها على الألف فتثبت لأجل ذلك إلا أن تكون مفتوحة فلا تعضد لئلا يجتمع الفان (فهما( لا يجتمعان في الفم فلا يجتمعان في الخط نحو: أبناءهم و (تَساءَلَون بِهِ).
وإن كان ما قبل الهمزة ساكن غير الألف فتعضدن أيضا مثل موئلا عضدت إلا أن تكون مفتوحة فلا تعضد مثل: يسألون لأنها لم تعضد مع الألف التي لا يتأتى سقوطها معه بإلقاء حركتها عليه فكيف تعضد مع غيره الذي يتأتى سقوطها معه بإلقاء حركتها عليه إلا أن تقوى بالمعنى مثل: شطئة والنشأة حيث وقع لأنهما على معنى الهمزة وهو مبدأ الظهور في الوجود الحسي فعضدت الهمزة.
وإن كان ما قبل الهمزة متحركا وهي ساكنة فإنها تعضد " إذ ليس " ثم موجب لإسقاطها بوجه مثل: سولك، إلا أن يكون معنى الكلمة أمرا باطنا من عالم الملكوت فتبقى على الأصل ولا تعضد وذلك مثل الرءيا ورءياك ورءياي.
فهذه على خلاف رؤية العين الملكية فإنها تعضد همزتها مثل: (تَرَونَهُم مَثلَيهِم رَاَيَ العَين).
وكذلك: (فَادارَأتُم فيها) هو شيء باطن. قال الله تعالى: (وَاللَهُ مُخرِجُ ما كُنتُم تَكتَمون) ولذلك حذف ألفه أيضا.
وإن كانت الهمزة متحركة بعد متحرك فلا يتأتى إسقاها.
فإن كانت مفتوحة دبرها حركة ما قبلها مثل: (فِئَتين) لأن حركتها أخت الألف فلو دبرها حركتها للزم الألف أن يكون قبلها ضمة أو كسرة وذلك لا يفهم فيقلب واوا أو ياء، فكذلك في الخط. فلذلك دبرها حركة ما قبلها.
ولم تعضد في السيئات لأنها جماعة الدنيات فبعدت عن أصل الملكوتيابت وظهور الثبوتيات.