اعلم أن الألف على ثلاثة أقسام في الخط: منه ما يكون زائدا.
ومن ما يكون ناقصا.
ومنه ما يكون بدلا.
وهذه الأقسام على أصل الثبوت في الخط والكلام إنما هو في هذه الثلاثة أقسام في ثلاثة فصول.
؟فصل في الألف الزائدة
وهي على ثلاث أضرب: ضرب تزاد من أول الكلمة.
وضرب تزاد فيه من آخرها.
وضرب تزاد فيه من وسطها.
فالضرب الأول الذي تزاد فيه من أول الكلمة.
هذا يكون باعتبار معنى زائد بالنسبة إلى ما قبله في الوجود مثل: (أو لأَذبَحَنّه) أو (لأَاوضَعوا خِلالَكُم) زيدت الألف تنبيها على أن المؤخر أشد وأثقل في الوجود من المقدم عليه لفظا. فالذبح أشد من العذاب و الإيضاع " أشد فسادا " ن من زيادة الخبال. وظهرت الألف في الخط لظهور القسمين في العلم.
واختلف المصاحف في حرفين: (لا إٍلى الجَحيم) و (لا إِلى اللَهِ تُحشَرونَ).
فمن رأى أن مرجعهم إلى الجحيم أشد من أكل الزقوم وشرب الحميم وأن محشرهم إلى الله أشد عليهم من موتهم أو قتلهم في الدنيا أثبت الألف ومن لم ير ذلك لأنه غيب عنا فلم يستو القسمان في العلم بهما لم يثبته وهو أولى.
وكذلك (يايئس) (وَلا تايئسوا) (إِنّهُ لا يايئس) (أَفَلَم يايئس) لأن الصبر وانتظار الفرج " أخف " من " الإياس. والإياس لا يكون في الوجود إلا بعد الصبر والانتظار.
و الضرب الثاني الذي تزاد فيه من آخر الكلمة.
هذا يكون باعتبار معنى خارج عن الكلمة فحصل في الوجود مثل زيادتها بعد الواو في الأفعال مثل (يَرجوا) (وَيَدعوا) وذلك أن الفعل " أثقل " من الإسم لأن الفعل يستلزم معناه فاعلا بالضرورة فهو جملة في الفهم منقسمة قسمين، والاسم مفرد لا يستلزم غيره. فالفعل أزيد من الإسم في الوجود، والواو أثقل حروف المد واللين، والضمة أثقل الحركات والمتحرك أثقل من الساكن و كل ذلك حاصل في الوجود يجده كل إنسان من نفسه ضرورة.
وأصل يرجو يرجو اجتمع الفعل والواو والضمة وحركة الواو. فخففت الواو بالسكون لأنها في محل الوقف آخر الكلمة. وبقي ثقل الفعل والحرف فزيدت الألف تنبيها على هذا " الثقل " الذي هو للجملة بالنسبة إلى الإسم المفرد الذي هو شيء خارج عن الفعل ولازم عن فهم الفعل بعده و في الاعتبار. وكلاهما ظاهر في العلم فلذلك زيدت الألف من آخر الكلمة. فإذا كانت الألف تزاد فيه مع الواو التي هي لام الفعل فمع الواو التي هي ضمير الفاعلين أولى لأن الكلمة جملة مثل: قالوا وعصوا إلا أن يكون الفعل مضارعا وفيه النون علامة الإعراب فيتحصن الواو بالنون التي هي من جملة الفعل إذ هي إعرابه، فتصير كلمة واحدة وسطها واو، كالعيون والسكون.
فإذا دخل ناصب أو جازم مثل: (فَإِن لَم تَفعَلوا وَلَن تَفعَلوا) ثبت الألف.
وقد تسقط في مواطن حيث لا يكون ذلك على " الجهة المحسوسة من الفعل بل على أمر باطن في الإدراك مثل: (وَالَّذَينَ سَعَوا في آَياتِنا مُعاجِزِين) هذا سعي بالباطل ملكوتي لا يصح له ثبوت في الوجود من حيث هم (مُعاجِزونَ) فسعيهم باطل في الوجود. وكذلك: (وَجاءَ بِسِحرٍ عَظيم) و (جاءوا ظُلماً وَزوراً)، (وَجاءوا أَباهُم عِشاءَ) (وَجاءَوا عَلى قَميصِهِ) هذا المجيء ليس على وجهه من حالة الوجود الملكي الصحيحة.
وكذلك: (فَإِنّ فاءَو) و " هو " في بالقلب والاعتقاد. وكذلك (تَبَوّءو الدارَ وَالأيمان) (اِختارُوهُما) مسكنا لكن لا على الجهة المحسوسة لأنه سوى بين الدار والإيمان، وإنما اختاروهما مسكنا " لمرضاة " الله تعالى. ويدل عليه وصفهم بالايثار مع الخصاصة. فهذا دليل على زجرهم في محسوسات الدنيا.
وكذالك: (وَباءوا) لأنه رجوع معنوي.
وكذلك: (عَسى اللَهُ أَن يَعفوَ عَنهُم) لا يتصور فيه التركيب في الفهم لأنا لا ندركه إنما تركيبه وهميّ شعري. فإن كيف هذا الفعل لا يعلم إذ هو ترك المؤاخذة فحذف ألفه لذلك.
وكذلك: (وَعَتَو عُتُوّاً كَبيراً) هذا عتو على الله لذلك وصفهم بالكبر فهو باطن باطل في الوجود.
وكذلك سقطت من: (وَإِذا كالوهُم أَو وَزَنوهُم يُخسِرونَ) ولم تسقط من (وإِذا غَضِبوا هُم يَغفِرونَ) لأن " غضبوا " جملة بعدها أخرى والضمير " مؤكد للفاعل " في الجملة الأولى.
و " كالوهم " جملة واحدة، الضمير جزء منها. وفرقانه ظاهر.