الفرق بين الرسالة والنبوة
Q ما الفرق بين الرسالة والنبوة في شخص النبي صلى الله عليه وسلم؟
ﷺ هذه قضية طويلة يبحثها علماء المصطلح، فكثير من العلماء يقول: إن النبوة والرسالة سواء، ولكن من حيث الاشتقاق اللغوي: النبوة أو النبوأة بالهمز، فالنبوة من النبْوة، والمكان النابي هو المرتفع، والنبوأت من النبأ، والنبأ: الخبر المهم، ﴿ عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ﴾ [النبأ: ١-٢]، وكلا المعنيين يصدق على النبي المرسل، والنبيء: الذي يأتي بالنبأ عن غيره إلى غيره، وهو عين الرسول.
فبعض العلماء قالوا: النبي والرسول سواء.
ولكن جرى على ألسنة العلماء أنه ﷺ نُبِّئ باقرأ، وأُرسل بالمدثر، ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ﴾ [العلق: ١]، و ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ﴾ [المدثر: ١]، فقالوا في الاصطلاح: النبي من قام بدعوة من كان قبله يطبقها.
أي: أنه لم يوح إليه بشيء مستقل، كحواريي عيسى مثلاً، أو عيسى بما جاء في التوراة عن موسى عليه السلام، والرسول من جاء برسالة مستقلة.
وعلى كل فالمسألة اصطلاحية والخلاف موجود، ولكن التحقيق: أن هناك فرقاً، وفي تتمة أضواء البيان عند سورة (اقرأ) بدا لي -والله تعالى أعلم وأبرأ إلى الله- بأنه أرسل باقرأ، لأنه يقرأ لمن، وعلى من؟ ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ * كَلَّا إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى ﴾ [العلق: ١-٦].
وهذه لا تختص به صلى الله عليه وسلم، إنما أقرئها ليقرأها على غيره، ولو كانت خاصة به في شخصه لما كانت في كتاب الله، ولا أدرجت في المصحف مع القرآن الكريم، ففي نظري والله تعالى أعلم أنه أرسل من أول يوم بدأه الوحي بسورة اقرأ.
ولكن لا نستطيع أن نقول ذلك؛ لأن العلماء الأجلاء الذين سبقونا ولهم الفضل في ذلك، وأعلم بهذا، إنما فرقوا بين النبوة والرسالة وجعلوا النبوة باقرأ والرسالة بالمدثر، والله تعالى أعلم.
ويقولون في الاصطلاح: كل رسول نبي، وليس كل نبي رسولاً.


الصفحة التالية
Icon