مقدار صدق بني إسرائيل مع أنبيائهم
طالوت لما فصل بالجنود هناك، لما رءوا العدو انقسموا ففريق قالوا: ﴿ قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ﴾ [البقرة: ٢٤٩]، والآخرون ﴿ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ [البقرة: ٢٥٠-٢٥١].
بنو إسرائيل لما قال لهم نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام: ﴿ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ [المائدة: ٢١] وعد من الله، قالوا: ﴿ لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا ﴾ [المائدة: ٢٤]، ﴿ إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ ﴾ [المائدة: ٢٢]، ﴿ فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا ﴾ [المائدة: ٢٤]، فهذا من الريب ومن ضعف اليقين بالله.
والمسلمون لما أتوا إلى بدر كانوا إنما خرجوا للعير، والرسول قال لهم في أول الأمر: ( من كان ظهره حاضراً فليركب )، وفي أثناء الطريق إذا بالمسألة تنقلب، ذهبت العير وجاء النفير، فماذا تقولون؟ أشيروا عليَّ أيها القوم، فيقعد المهاجرون جميعاً يتكلمون ويحسنون: لعلك خرجت إلى أمر وأراد الله أمراً، فامضِ إلى ما أراده الله، حتى قام قائم الأنصار يقول: والله لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى: ﴿ فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ﴾ [المائدة: ٢٤]؛ ولكن نقول: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، والله لو خضت بنا هذا البحر لخضناه معك.
أعتقد أن هناك فرق كبير بين الفريقين في وبين الأمتين في بني إسرائيل وهذه الأمة المباركة.