دوام الملك بالعدل والإحسان
قال الإمام ابن تيمية رحمه الله في رسالة صغيرة اسمها: رسالة المظالم: (الملك يدوم مع العدل ولو لكافر، ولا يدوم مع الظلم ولو لمسلم) ؛ لأن الظلم كما نعلم يولد حقداً في المجتمعات والأفراد إذا كانوا يتظالمون في حقوقهم وأعراضهم؛ فكل ينصب للثاني العداء، أما إذا كانت الأمانة والعدالة، وكان الناس آمنون على الدين والنفس والعقل والنسب والعرض والمال، حينها الأمة تكون في خير وعلى خير، ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ أي: العادلين في قضيتهم سواء كانت جزئية أو كبيرة ولو بين أولاده، وإخوانه الأستاذ في فصله مع طلابه يجب أن يكون عادلاً في توزيع الأسئلة، وتوزيع العناية بالجميع إذا جاء يصحح، فيكون عادلاً في الحكم على الطالب من حيث إجاباته، فالعدل في كل شيء في الحياة، ينبغي على المسلمين أن يحافظوا عليه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: ٩٠]؛ لأن العدل متلازم مع الإحسان دائماً، ولا يكون مع العدل إساءة قط.
وعلى هذا تكون هذه الآية الكريمة إنما هي مبدأ وقاعدة لتشريع قرآني كريم للإصلاح بين الجماعات، سواء كبرت تلك الجماعات أو صغرت، وسواء كانا قطرين أو قبيلتين، أو كانتا أسرتين أو كانا أخوين أو جارين مهما وقع النزاع يجب أن يكون هناك صلح.