٣٠٣ - عبد الرزاق قال : نا عبد الصمد بن معقل، أنه سمع وهب بن منبه، يقول : إن أرميا لما خرب بيت المقدس، وسرقت الكتب، وقف في ناحية الجبل فقال :( أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام (١) ) ثم رد الله من رد من بني إسرائيل على رأس سبعين سنة من حين أماته الله، فعمروها ثلاثين سنة تمام المائة، فلما أتمت المائة رد الله إليه روحه وقد عمرت وهي على حالها الأول، قال :« فجعل ينظر إلى العظام كيف يلتئم بعضها إلى بعض، ثم نظر إلى العظام تكسى عصبا ولحما، فلما تبين له قال :( أعلم أن الله على كل شيء قدير ) فقال الله تعالى :( فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه ) قال : وكان طعامه تينا في مكتل (٢)، وقلة فيها ماء، قال :» ثم سلط الله عليهم الوصب، فلما أراد أن يرد عليهم التابوت أوحى الله إلى نبي من أنبيائهم، إما دانيال، وإما غيره، إن كنتم تريدون أن يرفع الله عنكم المرض فأخرجوا عنكم هذا التابوت « قالوا : بآية ماذا ؟ قال :» بآية أنكم تأتون ببقرتين صعبتين لم يعملا عملا قط، فإذا انتظرتما إليهما، وضعتا أعناقهما للنير حتى يشد عليهما، ثم يشد التابوت على عجل، ثم يعلق على البقرتين، ثم يخليان، فتسيران حيث يريد الله أن يبلغها، ففعلوا ذلك، ووكل الله بهما أربعة من الملائكة يسوقونهما، فسارت البقرتان بها سيرا سريعا، حتى إذا بلغتا طرف القدس كثرتا سيرهما، وقطعتا حبالهما، وتركتاها وذهبتا، فنزل إليهما داود ومن معه، فلما رأى داود التابوت حجل إليها فرحا بها « قال : فقلنا لوهب بن منبه :» ما حجل إليها ؟ « قال :» شبيها بالرقص « فقالت له امرأته :» لقد خفضت حتى كاد الناس أن يمقتوك لما صنعت « فقال :» أتبطئيني عن طاعة ربي ؟ لا تكونين لي زوجة بعدها أبدا، ففارقها «

(١) سورة : البقرة آية رقم : ٢٥٩
(٢) المكتل : الزنبيل أي السلة أو القفة الضخمة تصنع من الخوص


الصفحة التالية
Icon