٣٦٨ - عبد الرزاق قال : نا معمر، عن قتادة، في قوله تعالى :( منه آيات محكمات (١) ) قال : المحكم ما يعمل به، ( فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة )، قال معمر : وكان قتادة إذا قرأ هذه الآية :( فأما الذين في قلوبهم زيغ ) قال : إن لم تكن الحرورية أو السبئية، فلا أدري من هم ولعمري لقد كان في أصحاب بدر والحديبية الذين شهدوا مع رسول الله ﷺ بيعة الرضوان من المهاجرين والأنصار خبر لمن استخبر، وعبرة لمن اعتبر، لمن كان يعقل أو يبصر، إن الخوارج خرجوا، وأصحاب رسول الله ﷺ يومئذ كثير، بالمدينة، وبالشام، وبالعراق، وأزواجه يومئذ أحياء، والله إن خرج منهم ذكر ولا أنثى حروريا قط، ولا رضوا الذي هم عليه، ولا مالؤهم فيه، بل كانوا يحدثون بعيب رسول الله ﷺ إياهم، ونعته الذي نعتهم به، وكانوا يبغضونهم بقلوبهم، ويعادونهم بألسنتهم، وتشتد والله أيديهم عليهم إذا لقوهم، ولعمري لو كان أمر الخوارج هدى لاجتمع، ولكنه كان ضلالة فتفرق، وكذلك الأمر إذا كان من عند غير الله وجدت فيه اختلافا كثيرا، فقد ألاصوا هذا الأمر منذ زمان طويل، فهل أفلحوا فيه يوما قط، أو أنجحوا ؟ يا سبحان الله كيف لا يعتبر آخر هؤلاء القوم بأولهم ؟ إنهم لو كانوا على حق أو هدى قد أظهره الله وأفلجه ونصره، ولكنهم كانوا على باطل، فأكذبه الله تعالى، وأدحضه، فهم كما رأيتم كلما خرج منهم قرن أدحض الله حجتهم، وأكذب أحدوثتهم، وأهراق دماءهم، وإن كتموه كان قرحا في قلوبهم، وغما عليهم، وإن أظهروه أهراق (٢) الله دماءهم، ذاكم والله دين سوء، فاجتنبوه، فوالله إن اليهودية لبدعة، وإن النصرانية لبدعة، وإن الحرورية لبدعة وإن السبئية لبدعة، ما نزل بهن كتاب ولا سنهن نبي
(٢) الإراقة والهراقة : صب وسيلان الماء وكل مائع بشدة