٤٦٣ - عبد الرزاق قال : أنا معمر، عن الزهري، في قوله تعالى :( وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون (١) ) أن النبي ﷺ قال يوم أحد حين غزا أبا سفيان، وكفار قريش :« إني رأيت كأني لبست درعا حصينة، فأولتها المدينة، فاجلسوا في حصنكم، وقاتلوا من ورائه » وكانت المدينة قد قرشت بالبنيان، فهي كالحصن، فقال رجل ممن لم يشهد بدرا : يا رسول الله « اخرج بنا إليهم فلنقاتلهم » وقال عبد الله بن أبي بن سلول :« نعم ما رأيت يا رسول الله، إنا والله ما نزل بنا عدو قط فخرجنا إليه إلا أصاب فينا، ولا ثبتنا في المدينة وقاتلنا من ورائها إلا هزمنا عدونا، فكلمه ناس من المسلمين » فقالوا : يا رسول الله، اخرج بنا إليهم، فدعا بلأمته فلبسها « ثم قال :» ما أظن الصرعى إلا ستكثر منكم ومنهم، إني أرى في النوم بقرا منحورة « فأقول :» بقر والله خير « فقال رجل : يا رسول الله، بأبي وأمي، فاجلس بنا، قال :» إنه لا ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يلقى البأس « فقال :» فهل من رجل يدلنا بالطريق، فيخرجنا على القوم من كثب ؟ « فانطلقت به الأدلاء بين يديه، حتى إذا كان بالشوط من الجبانة انخزل عبد الله بن أبي ابن سلول بثلث الجيش، أو قريب من ثلث الجيش، وانطلق النبي ﷺ حتى لقيهم بأحد، وصافوهم، فعهد النبي ﷺ إلى أصحابه إن هزموهم ألا يدخلوا لهم عسكرا، ولا يتبعوهم، فلما التقوا هزموهم، وعصوا النبي ﷺ، وتنازعوا واختلفوا، ثم صرفهم الله ليبتليهم، كما، قال : وأقبل المشركون وعلى خيلهم خالد بن الوليد بن المغيرة، فقتل من المسلمين سبعون رجلا، وأصابتهم جراح شديدة، وكسرت رباعية النبي ﷺ، ووثئ بعض وجهه، حتى صاح الشيطان بأعلى صوته : قتل محمد، قال كعب بن مالك : فكنت أول من عرف النبي ﷺ، عرفت عينيه من تحت المغفر، فناديت بصوتي الأعلى : هذا رسول الله ﷺ، فأشار إلي :» أن اسكت، ثم كف الله المشركين « والنبي ﷺ وأصحابه وقوف، فنادى أبو سفيان بعدما مثل ببعض أصحاب النبي ﷺ، وجدعوا، ومنهم من بقر بطنه، فقال أبو سفيان :» إنكم ستجدون في قتلاكم بعض المثل، وإن ذلك لم يكن عن ذوي رأينا، ولا ساداتنا « ثم قال أبو سفيان :» اعل هبل « فقال عمر بن الخطاب :» الله أعلى وأجل « فقال أبو سفيان :» أنعمت فعال عنها، قتلى بقتلى بدر « فقال عمر :» لا يستوي القتل، قتلانا في الجنة، وقتلاكم في النار « قال أبو سفيان :» لقد خبنا إذا، ثم انصرفوا راجعين، وندب النبي ﷺ أصحابه في طلبهم بعدما أصابهم القرح (٢)، فطلبوهم حتى بلغوا قريبا من حمراء الأسد، ثم رجع النبي ﷺ، قال معمر : وقال قتادة : وكان فيمن طلبهم عبد الله بن مسعود، وذلك حين يقول الله تعالى :( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم (٣) )

(١) سورة : آل عمران آية رقم : ١٥٢
(٢) القرح : الجراح وآلامها أو القتل وشدته
(٣) سورة : آل عمران آية رقم : ١٧٣


الصفحة التالية
Icon