٤٨٨ - عبد الرزاق قال : أنا معمر، عن الزهري، في قوله تعالى :( ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم، ومن الذين أشركوا أذى كثيرا (١) ) قال : هو كعب بن الأشرف، وكان يحرض المشركين على النبي ﷺ وأصحابه، فانطلق إليه خمسة نفر من الأنصار، وفيهم محمد بن مسلمة، ورجل آخر يقال له : أبو عبس، فأتوه وهو في مجلس قومه بالعوالي، فلما رآهم ذعر منهم، وأنكر شأنهم، وقالوا : جئناك لحاجة، قال :« فليدن إلي بعضكم فليحدثني بحاجته، فجاءه رجل منهم » قال : جئناك لنبيعك أدرعا عندنا لنستنفق بها، قال :« لئن فعلتم لقد جهدتم منذ نزل بكم هذا الرجل، فواعدوه أن يأتوه عشاء حين يهدأ عنهم الناس، فأتوه فنادوه » فقالت امرأته : ما طرقك هؤلاء ساعتهم هذه لشيء مما تحب، قال :« إنهم قد حدثوني بحديثهم وشأنهم » قال معمر : عن أيوب، عن عكرمة :« إنه أشرف عليهم فكلمهم » فقال : ما ترهنوني ؟ أترهنوني أبناءكم ؟ وأرادوا أن يبيعهم تمرا، فقالوا :« إنا نستحي أن تعير أبناؤنا » فيقال : هذا رهينة وسق (٢)، وهذا رهينة وسقين « فقال : أترهنوني نساءكم ؟ فقالوا : أنت أجمل الناس، ولا نأمنك، وأي امرأة تمتنع منك لجمالك ؟ ولكنا نرهنك سلاحنا، فقد علمت حاجتنا إلى السلاح اليوم، فقال :» نعم، إيتوني بسلاحكم، واحتملوا ما شئتم « قالوا : فانزل إلينا، نأخذ عليك، وتأخذ علينا، فذهب ينزل، فتعلقت به امرأته، فقالت : أرسل إلى أمثالهم من قومك، فيكونوا معك ؟ فقال :» لو وجدوني هؤلاء نائما أيقظوني « قالت : فكلمهم من فوق البيت، فأبى (٣) عليها، قال :» فنزل إليهم يفوح ريحه « قالوا : ما هذه الريح يا أبا فلان ؟ قال :» هذا عطر أم فلان، لامرأته، فدنا إليه بعضهم ليشم رأسه، ثم اعتنقه « ثم قال : اقتلوا عدو الله، فطعنه أبو عبس في خاصرته، وعلاه محمد بن مسلمة بالسيف، فقتلوه ثم رجعوا، فأصبحت اليهود مذعورين، فجاءوا النبي ﷺ فقالوا : قتل سيدنا غيلة، فذكرهم النبي ﷺ صنيعه، وما كان يحرض عليهم، ويحرض في قتالهم، ويؤذيهم به، ثم دعاهم أن يكتب بينه وبينهم صلحا، قال :» وكان ذلك الكتاب مع عمر بعد «
(٢) الوسق : مكيال مقداره ستون صاعا والصاع أربعة أمداد، والمُدُّ مقدار ما يملأ الكفين
(٣) أبى : رفض وامتنع