١٦٠٩ - عبد الرزاق قال : أرنا معمر، قال : أخبرني إسماعيل بن شروس أنه سمع وهب بن منبه، يقول :« جاء حواري (١) عيسى إلى مدينة أصحاب الكهف، فأراد أن يدخلها فقيل له : إن على بابها صنما لا يدخلها أحد إلا سجد له فكره أن يدخل فأتى حماما فكان فيه قريبا من تلك المدينة فكان يعمل فيه ويؤجر نفسه من صاحب الحمام، ورأى صاحب الحمام في حمامه البركة ودر عليه الرزق ففوض إليه وجعل يسترسل إليه وعلقه فتية من أهل المدينة فجعل يخبرهم خبر السماء والأرض وخبر الآخرة حتى آمنوا به وصدقوه، وكانوا على مثال حاله في حسن النية، وكان يشرط على صاحب الحمام أن الليل لي، ولا تحل بيني وبين الصلاة إذا حضرت فكان ذلك حتى جاء ابن الملك بامرأة يدخل بها الحمام فعيره الحواري وقال : أنت ابن الملك وتدخل معك هذا الكذا الكذا فاستحيا، فذهب فرجع مرة أخرى فقال مثل قوله، فسبه وانتهره فلم يلتفت حتى دخل ودخلت معه المرأة، فماتا في الحمام، فأتى الملك فقيل له : قتل ابنك صاحب الحمام فالتمس (٢) فلم يقدر عليه فهرب، فقال : من كان يصحبه ؟ فسموا الفتية فالتمسوا فخرجوا من المدينة فمروا على صاحب لهم في زرع له، وهو على مثل أمرهم فذكروا له أنهم التمسوا فانطلق معهم، ومعه كلب حتى آواهم الليل إلى الكهف فدخلوه فقالوا : نبيت هاهنا الليلة، ثم نصبح إن شاء الله، فترون رأيكم فضرب الله على آذانهم فخرج الملك في أصحابه يتبعونهم حتى وجدهم قد دخلوا الكهف فكلما أراد رجل أن يدخل أرعب فلم يطق أحد أن يدخله، فقال له قائل : ألست قلت : لو كنت قدرت عليهم قتلتهم ؟ قال : بلى، قال : فابن عليهم باب الكهف ودعهم يموتوا عطشا وجوعا، ففعل ثم غبروا زمانا بعد زمان، ثم إن راعيا أدركه المطر عند الكهف، فقال : لو فتحت هذا الكهف فأدخلت غنمي من هذا المطر فلم يزل يعالجه حتى فتح لغنمه فأدخلها فيه ورد الله أرواحهم في أجسامهم من الغد حين أصبحوا فبعثوا أحدهم بورق يشتري طعاما فكلما أتى باب مدينة رأى شيئا ينكره حتى دخل فأتى رجلا، فقال : بعني بهذا الدرهم طعاما، قال : ومن أين هذه الدرهم ؟ قال : خرجت أنا وأصحاب لي أمس، حتى أدركنا الليل في كهف كذا كذا، ثم أصبحنا فأرسلوني، فقال : هذه الدرهم كانت على عهد ملك فلان فأنى لك هذا ؟ فرفعه إلى الملك وكان ملكا صالحا، فقال : من أين لك هذا الورق ؟، قال : خرجت أنا وأصحاب لي أمس، حتى أدركنا الليل في كهف كذا وكذا، ثم أمروني أن أشتري لهم طعاما، قال : وأين أصحابك ؟، قال في الكهف، قال : فانطلق معهم حتى أتوا باب الكهف، فقال : دعوني أدخل إلى أصحابي قبلكم، فلما رأوه ودنا منهم ضرب على أذنه وآذانهم، وأرادوا أن يدخلوا فجعلوا كلما دخل رجل أرعب فلم يقدروا على أن يدخلوا عليهم فبنوا عليهم كنيسة واتخذوه مسجدا يصلون فيه »
(٢) التمس الشيء : طلبه