٢٠٢٤ - نا عبد الرزاق عن معمر، عن عثمان الجزري، عن مقسم مولى ابن عباس، أن عقبة بن أبي معيط، وأبي بن خلف الجمحي، قال عقبة بن أبي معيط لأبي بن خلف وكانا خليلين في الجاهلية، فقال : لا أرضى عنك أبدا حتى تأتي محمدا فتتفل في وجهه وتكذبه وتشتمه، وكان قد أتى النبي ﷺ قبل ذلك وعرض عليه الإسلام، فلما سمع عقبة بذلك، قال : لا أرضى عليك أبدا حتى تتفل في وجهه، فلم يسلطه الله على ذلك، فلما كان يوم بدر أسر عقبة بن أبي معيط في الأسارى فأمر به الرسول ﷺ أن يقتل، فقال : يا محمد : من بين هؤلاء أقتل ؟، قال :« نعم » قال : لم ؟ قال :« بكفرك وفجورك وعتوك على الله وعلى رسوله »، قال مقسم : فبلغنا والله أعلم أنه، قال :« فمن للصبية ؟ »، قال : فيقال : إنه، قال :« إلى النار »، قال : فقام علي بن أبي طالب فضرب عنقه، وأما أبي بن خلف، فقال : والله لأقتلن محمدا فبلغ ذلك رسول الله ﷺ فقال :« بل أنا أقتله إن شاء الله »، قال : فانطلق رجل حتى أتى أبي بن خلف، فقال : إن محمدا حين قيل له ما قلت، قال :« بل أنا أقتله »، فأفزعه ذلك وقال : أنشدك بالله أسمعته يقول ذلك ؟ ووقعت في نفسه ؛ لأنهم لم يسمعوا رسول الله ﷺ، يقول قولا قط إلا كان حقا، قال : فلما كان يوم أحد خرج أبي بن خلف مع المشركين فجعل يلتمس غفلة النبي ﷺ ؛ ليحمل عليه فيحول رجل من المسلمين بين النبي ﷺ وبينه، فلما رأى ذلك رسول الله ﷺ قال :« خلوا عنه » فأخذ الحربة (١) فجزله بها يقول فرماه بها في ترقوته (٢) تحت تسبغة البيضة، وفوق الذراع فلم يخرج كثير دم واحتقن الدم في جوفه فخر يخور كما يخور الثور، فأقبل أصحابه حتى احتملوه وهو يخور فقالوا : ماذا ؟ فوالله ما كان إلا خدش، فقال : والله لو لم يصيبني إلا بريقه لقتلني، أليس قد قال :« أنا أقتله » ؟ والله لو كان الذي بي بأهل الحجاز لقتلهم، قال : فما لبث إلا يوما أو نحو ذلك حتى مات إلى النار، فأنزل الله :( ويوم يعض الظالم على يديه (٣) )، حتى بلغ ( خذولا (٤) )

(١) الحربة : أداة قتال أصغر من الرمح ولها نصل عريض
(٢) التَرْقُوَة : عظمة مشرفة بين ثغرة النحر والعاتق وهما ترقوتان
(٣) سورة : الفرقان آية رقم : ٢٧
(٤) سورة : الفرقان آية رقم : ٢٩


الصفحة التالية
Icon