٢٥٠٧ - قال معمر، وقال قتادة : إن سليمان قال للشياطين : إني قد أمرت أن أبني مسجدا - يعني مسجد بيت المقدس - لا أسمع فيه صوت منقار ولا ميشار، فقالت له الشياطين : إن في البحر شيطانا فلعلك إن قدرت عليه أن يخبرك بذلك، وكان ذلك الشيطان يرد كل سبعة أيام عينا يشرب منها، فعمدت الشياطين إلى تلك العين فنزحتها، ثم ملأتها خمرا، فجاء ذلك الشيطان فقال إنك لطيبة الريح ولكنك تسفهين الحليم، وتزيدين السفيه (١) سفها، ثم ذهب فلم يشرب ثم أدركه العطش، فرجع فقال مثل ذلك ثلاث مرات، ثم إنه كرع (٢) فشرب فسكر فأخذوه فجاءوا به إلى سليمان، فأراه سليمان خاتمه فلما رآه ذل له، وكان ملك سليمان في خاتمه، فقال سليمان : إني قد أمرت أن أبني مسجدا فلا أسمع فيه صوت منقار ولا ميشار، فأمر الشياطين بزجاجة فصنعت له، ثم وضعت على بيض الهدهد، فجاء الهدهد ليربض على بيضه فلم يقدر عليه، فذهب فقال الشيطان : انظروا ما يأتي به الهدهد فخذوه، فجاء بالماس فوضعه على الزجاجة ففلقها، فأخذوا الماس فجعلوا يقطعون به الحجارة قطعا حتى بنى بيت المقدس، قال فانطلق سليمان يوما إلى الحمام وكان قد قارف بعض نسائه في بعض الماء ثم « قال معمر : لا أعلمه إلا قال حائضا، فدخل الحمام فوضع خاتمه ومعه ذلك الشيطان، فلما دخل أخذ ذلك الشيطان خاتمه فألقاه في البحر وألقي على الشيطان شبه سليمان فخرج سليمان، وقد ذهب ملكه، وكان الشيطان يجلس على سرير سليمان أربعين يوما فاستنكره صحابة سليمان، وقالوا : لقد افتتن سليمان من تهاونه بالصلاة، وكان ذلك الشيطان يتهاون بالصلاة وبأشياء من أمر الدين، ومن الذين كانوا معه من صحابة سليمان رجل يشبه بعمر بن الخطاب في الجلد والقوة، فقال : إني سائله لكم، فجاء يوما فقال : يا نبي الله ما تقول في أحدنا يصيب من امرأته في الليلة الباردة، ثم ينام حتى تطلع الشمس لا يغتسل ولا يصلي هل ترى عليه في ذلك بأسا ؟ قال : لا بأس عليه، فرجع إلى أصحابه فقال : قد افتتن سليمان، قال : فبينما سليمان ذاهب في الأرض إذ أوى إلى امرأة فصنعت له حوتا، أو قال فجاءته بحوت فشقت بطنه فرأى سليمان خاتمه في بطن الحوت فعرفه، فأخذه فلبسه فسجد له كل شيء لقيه من طير، أو دابة، أو شيء فرد الله إليه ملكه، » فقال عند ذلك :( رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي (٣) ) قال قتادة : يقول لا تسلبنيه مرة أخرى

(١) السَّفَه : الخفّة والطيشُ، وسَفِه رأيُه إذا كان مَضْطربا لا اسِتقامَةَ له، والسفيه : الجاهلُ
(٢) كَرَع الماء : تَناولَه بفيه، من غير أن يَشْرب بكَفّه ولا بإناءٍ
(٣) سورة : ص آية رقم : ٣٥


الصفحة التالية
Icon