هذا لفظ رواية الحاكم في المستدرك، كما حكاها الحافظ في "الفتح". و الحديث في الصحيحين، و لكن وقع في رواية البخاري اختصار ووهم نبه عليه الحافظ في الفتح
قال الحافظ :"و في الحديث علم من أعلام النبوة ظاهر، وفيه جواز إطلاق اللفظ المشترك بين الحقيقة و المجاز بغير قرينة، وهو لفظ "أطولكن " إذا لم يكن محذورا. قال الزين بن المنير :"لما كان السؤال عن آجال مقدرة لا تعلم إلا بوحي أجابهن بلفظ غير صريح، و أحالهن على ما لا يتبين إلا بأخرة، و ساغ ذلك لكونه ليس من الأحكام التكليفية"
وقد يقال : إن في الحديث قرينة، بل قريتين :
الأولى : وقله :"أطولكن يدا"، ولم يقل : أطولكن، مع أنه أخصر، ففي العدول إلى ذكر طول اليد إشارة إلى المعنى المراد.
الثاني : أن سرعة اللحوق به فضيلة، و الفضيلة إنما تدرك بعمل صالح، و الطول الحسي ليس بعمل صالح.
و يمكن أن يجاب بأن الأولى مبنية على أن الطول الحسي في اليد ملازم لطول القامة، و ليس كذلك و لكنه الغالب، و أما الثانية فليست بظاهرة ؛ لأن الموت عند تمام الأجل، فليس بمرتبط بالفضيلة ارتباطا ظاهرا، إذ لا مانع من طول عمر الفاضلة ارتباطا ظاهرا، إذ لا مانع من طول عمر الفاضلة و قصر عمر المفضولة.
وعلى كل حال ؛ استنبط هذا بعد العلم بحقيقة الحال، و أما قبل ذلك فقد كان الظاهر هو طول اليد الطول الحسي، كما فهمته أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، و لم يلن على ذلك حتى تبين خلاف ذلك بموت زينب.
فإن قيل : كيف هذا و قد تقدم في كلمات خليل الله إبراهيم - عليه السلام - تتعلق بوقائع عادية وقعت له، و ليست متعلقة بما هو غيب عند عامة الناس أو غالبهم، و البحث المتقدم إنما هو فيما كان غيبا مطلقا، أو بالنظر إلى غالب الناس.
(١/٥١)


Icon