وافق الحشوية بعض الروافض في القول بنسخ الأخبار دون أن يقصدوا إلى ذلك فقال الكلبي أنه لما نزلت إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم نسخها بقوله إن الذين سبقت لهم منا الحسنى ومعنى ذلك أن لو لم يكن نسخها أن الله عز وجل قال إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنه أراد به أن يعذب عزيرا والملائكة والمسيح فأوجب عليهم العذاب ثم نسخ ذلك بعد ما أوجبه كما أوجب قيام الليل ثم نسخه ومعاذ الله أن يكون الله عز وجل أراد وأحب تعذيب أوليائه من الملائكة ولا المسيح ولا عزير وقد تقدمت فيهم أخبار من الله عز وجل بالولاية قبل أن ينزل آية العذاب فلما نزلت أية العذاب لم يرد بها من تقدم منه القول بولايتهم وإنما أراد من عبدوا سوى أوليائه وكان خبرا خاصا لا عاما
ثم ذكر أمثلة أخرى من الأخبار التي ظاهرها العموم وهي خاصة في طائفة معينة أو واقعة معينة
أين يجوز النسخ
فالناسخ والمنسوخ لا يجوز أن يكونا إلا في الأحكام في الأمر والنهي والحدود والعقوبات في أحكام الدنيا
ولا يعني ذلك البداء أو التناقض ولكنه أمر بأمر وحكم بحكم وهو يريد أن يوجبه إلى وقت ويريد أن يأمر بتركه بعد ذلك الوقت فلم يزل مريدا للفعل الأول إلى الوقت الذي أراد نسخه وإيجاد بدله ولا ينسخ أمره ولكن ينسخ المأمور به بمأمور آخر وذلك موجود بين العباد على تقدم الإرادة منهم فيما أمروا به أولا ثم نهوا عنه وأمروا بغيره من غير بدو ولا جهل وذلك كأن يأمر الرجل غلامه ليعمل في أرضه وهو يريد أن يعمل فيها وقت الزراعة ثم يصرفه بعد ذلك إلى خدمته في منزله وكلاهما قد تقدمت به الإرادة منه
ثم ذكر أن المعتزلة رغم ضلالهم وافقوا أهل السنة في امتناع نسخ الأخبار وجواز نسخ الأحكام لكنهم أفضوا من هذه المقدمة السليمة إلى نتيجة فاسدة هي
القول بخلق القرآن
ولهم على ذلك حجتان