قلنا فلو جوزتم له الخوف أن يعذبه الله وقد لقيه مجتنبا للكبائر لكان خوفه ضلالا لأن ذلك يوجب عليه الشك في وعد الله تعالى ولا يأمن أن يخلف وعده ويكذب قوله جل وعز عما يقول الظالمون علوا كبيرا
ويقال لهم يجوز أن يرجوا أن يكفر الله عنه سيئاته ويدخله الجنة وهو مجتنب للكبائر والصغائر ولو اجتنب الكبائر والصغائر لكان مغفورا له فنسألكم كذا عنه ولو اجتنب الكبائر وأتى الصغائر أو كان مجتنبا للذنوب كلها هل يجوز له أن يرجو العفو والمغفرة من الله جل وعز
فإن قالوا لا يجب ذلك عليه فقد زعموا أنه لا ينبغي لأحد أن يرجو المغفرة من الله لأن صاحب الكبائر عندهم مؤيس من رحمة الله عز وجل وصاحب الصغائر ومن لم يأت شيئا من الذنوب موقن بمغفرة فلا ينبغي لأحد أن يخاف الله ولا يرجوه بزعمهم فإن قالوا
لا ينبغي له أن ييأس من الله قيل إن الرجاء عندكم لا يكون إلا على الشك لا على اليقين فكيف يجوز أن يرجو أن يغفر الله له ويدخله الجنة وقد وعده ذلك لئن جاز له ذلك ليجوزن لك أن ترجو الله أن يدخل رسله الجنة وأن يؤاخذهم بذنوب غيرهم ويرجو أن لا يعذبهم بكفر غيرهم من الكفار ويرجو أن لا يعذبكم على الكفر به وأنتم به مؤمنون ولو جاز ذلك لجاز أن يرجو أن يكونوا رجالا وأن يكونوا نساء وهذا كله غير جائز عندهم لأن الرجاء والخوف عندهم لا يكون إلا على الشك ولا يكون على اليقين فإن قالوا لا يجوز ذلك لأن الله جل ذكره أخبر أنه مدخل رسله الجنة وأنه لا تزر وازرة وزر أخرى وأنه لا يجزى العباد إلا بما كسبوا ولا يعذبهم بما لم يذنبوا
قيل لهم وكذلك المجتنب للكبائر لا يجوز له أن يرجو الله أن يغفر الله له وقد وعده ذلك بل يستيقن ذلك والموحدون لا يخلو أحد منهم من أن يكون مجتنبا


الصفحة التالية
Icon