ويصل الأمر إلى الصفات فيقول المعتزلة زعمتم أن الله جل وعز امتدح بأن الأبصار لا تدركه ثم زعمتم أن هذه المدحة تبدل في الآخرة فتراه العيون وهذا نسخ المدح لأنه امتدح بأن الأبصار لا تدركه ولم يستثن فزعمتم أنه تدركه في الآخرة نظرا
ولو جاز أن يغفر الله لأهل الكبائر لجاز أن يغفر للكفار لأنه كذلك قال إني أعذبهم
ويرد الإمام المحاسبي عليهم بأنهم أبعدوا في القياس وإنما أتوا من قبل الجهل بخطاب الله وتأويله وغفلتهم عن علوم القرآن فأخبار الله ومدحه لا تنسخ لكن من الأخبار عاما وخاصا وان اتفق ظاهر تلاوتها في العموم فهو مختلف في معاني العموم والخصوص
في الوعد والوعيد
فأما ما ادعوا علينا في الوعيد فهذه دعوى باطل إذ أن الله جل عز أوجب لأهل الكبائر العذاب وهو يريد أن ذلك عليهم وأنهم له مستحقون ولم يرد أن يعذبهم أجمعين فإن أراد أن يعذب بعض من استوجب فيعذبه بعدله ويعفو عن بعض من وجب عليه بفضله وقد قال الله تعالى إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء فأيسنا من عفوه عن المشركين ورجونا عفوه عن بعض أصحاب الكبائر دونما تعيين
ورأى المحاسبي بعد هذا أن المعتزلة يمكن أن يلجأوا إلى ظواهر الآيات مع أنهم هم متطرفة المؤولة فتتبعهم في ذلك وسد عليهم الطريق بحجج من كلامهم نفسه وألزمهم عدة الزامات
الزام المعتزلة
يوجب المعتزلة على الله عقاب الكفار وأصحاب المعاصي كما يوجبون المغفرة لأصحاب الصغائر غير المصرين وهذا الإيجاب يرى فيه المحاسبي خروجا على الكتاب والسنة وإجماع الأمة ويرتب عليه عدة نتائج
أ امتناع الخوف والرجاء
إذ أن مرتكب الكبيرة مستيقن أنه في النار ومجتنبها مستيقن أنه


الصفحة التالية
Icon