والثانية :« وفي طول المُعَاشرة التَّقالي ».
و « من السماء » يحتمل وجهين :
أحدهما : أن يتعلّق ب « صيب » ؛ لأنه يعمل عمل الفعل، والتقدير : كمطر يَصُوب من السماء، و « مِنْ » لابتداء الغاية.
والثَّاني : أن يكون في محلّ جر صفة ل « صيب »، فيتعلّق بمحذوف، وتكون « من » للتبغيض، ولا بُدّ حينئذ من حذف مضاف تقديره : كصيّب كائن من أمطار السَّماءِ.
والسماء : هذه المطلّة، وهي في الأصل كل ما عَلاَكَ من سَقْفٍ ونحوه، مشتقة من السُّمو، وهو الإرتفاع، والأصل : سَمَاو، وإنما قُلبت الواو همزة لوقوعها طرفاً بعد ألف زائدة وهو بدل مُطّرد، نحو :« كساء ورداء »، بخلاف « سقاية وشقاوة » لعدم تطرف حرف العلّة، ولذلك لما دخلت عليها تاء التأنيث صحَّت؛ نحو :« سماوة ».
قال الشاعر :[ الرجز ]
٢٤٦- طَيِّ اللَّيالِي زُلُفاً فَزُلَفَا | سَمَاوَةَ الهِلاَلِ حَتَّى احْقَوْقَفَا |
٢٤٧- وَلَوْ رَفَعَ السَّمَاءَ إلَيْهِ قَوْماً | لَحِقْنَا بَالسَّمَاءِ مَعَ السَّحَابِ |
٢٤٨-.................... | ........... فَوْقَ سَبْعِ سَمَائِيَا |
وفي قوله :» من السَّمَاءِ « ردّ على من قال : إن المطر إنما يحصل من ارتفاع أبخرة رطبة من الأَرْض إلى الهواء، فتنعقد هناك من شدّة برد الهواء، ثم ينزل مرة أخرى، فذاك هو المطر؛ فأبطل الله هذا المذهب بأن بَيّن أن الصِّيب نزل من السَّمَاء، وقال :﴿ وَأَنزَلْنَا مِنَ السمآء مَآءً طَهُوراً ﴾ [ الفرقان : ٤٨ ].
وقال :﴿ وَيُنَزِّلُ مِنَ السمآء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ ﴾ [ النور : ٤٣ ].
قوله :﴿ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ ﴾ [ البقرة : ١٩ ] يحتمل أربعة أوجه :
أحدها : أن يكون صفة ل » صَيّب «.
الثاني : أن يكون حالاً منه، وإن كان نكرة لتخصصه، إما بالعمل في الجار بعده، أو بصفة بالجار بعده.
الثالث : أن يكون حالاً من الضمير المُسْتَكِنّ في » من السماء « إذا قيل : إنه صفة ل » صَيّب «، فيتعلق في التقادير الثلاثة بمحذوف، إلاّ أنه على القول الأوّل في محلّ جر لكونه صفة لمجرور، وعلى القولين الأخيرين في مَحَلّ نَصْب على الحال.