٥٤- أَمَّا النَّهَارُ فَفِي قَيْد وَسِلْسِلَةٍ | وَاللَّيْلِ فِي بَطْنِ مَنْحُوتٍ مِنَ السَّاجِ |
و « اليَوْمُ » لُغَةً : القِطْعَةُ مِنَ الزَّمَانِ، أيَِّ زَمَنٍ كَانَ مِنْ لَيْلٍ وَنَهار؛ قال الله تبارك وتعالى :﴿ والتفت الساق بالساق إلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ المساق ﴾ [ القيامة : ٢٩ و ٣٠ ] وذلك كنايةٌ عن احتضار الموتى، وهو لا يختَصُّ بِلَيْلٍ ولا نَهَار. وأما في العُرْف : فهو من طُلُوعِ الفَجْرِ إلى غُرُوبِ الشمس.
وقال الرَّاغِبُ :« اليوم » يُعَبَّرُ به عن وَقْتِ طُلُوعِ الشمسِ إلى [ غُرُوبِها ].
وهذا إنَّما ذكرُوهُ في النَّهارِ لا في اليَوم، وجعلوا الفرقَ بينهما ما ذكرتُ، وقد يُطْلَقُ اليوم على السَّاعةِ، قال تبارك وتعالى :﴿ اليوم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾ [ المائدة : ٣ ]، وربما عُبِّرَ عَنِ الشِّدَّةِ باليومِ، يُقالُ يَوْمٌ أَيَوْمٌ؛ كما يُقالُ : لَيْلَةٌ لَيْلاَءُ. ذكره القُرْطُبِيُّ رحمه الله تعالى. و « الدِّينِ » مضافٌ إِلَيْه أَيْضاً، والمرادُ به -هنا- الجَزَاءُ؛ ومنهُ قولُ الشاعر :[ الهزج ]
٥٥- وَلَمْ يَبْقَ سِوَى العُدْوَا | نِ دِنَّاهُمْ كَمَا دَانُوا |
وقال آخَرُ في ذلك :[ الكامل ]
٥٦- وَاعْلَمْ يَقِيناً أَنَّ مُلْكَكَ زَائلٌ | وَاعْلَمْ بَأَنَّ كَمَا تَدِينُ تُدَانُ |
٥٧- إِذَا مَا رَمَوْنَا رَمَيْنَاهُمُ | وَدِنَّاهُمْ مِثْلَ مَا يَقْرِضُونا |
٥٨- حَصَادَكَ يَوْمَاً مَا زَرَعْتَ وإِنَّمَا | يُدانُ [ الفَتَى ] يَوْماً كَمَا هُوَ دَائِنُ |
وقال قَتَادَةُ :« الدِّين : الجَزَاءُ ويقعُ على الجزاءِ في الخَيْرِ والشَّرِّ جمِيعاً ».
وقال مُحَمَّدُ بنُ كَعْبٍ القُرَظِي :« مَالِكِ يَوْمِ الدِّين، يوم لا ينفعُ فيه إلاََّ الدِّين ».
وقيل : الدين القَهْرُ : يُقالُ : دِنْتُهُ فَدَانَ أي : قَهَرْتُهُ فذلّ.
وقيل : الدينُ الطاعَةُ؛ ومنه :« وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً »، أيْ : طَاعَةٌ، وله مَعَاٍ أُخَرُ : العادَةُ؛ كقولِهِ هذا البيت :[ الطويل ]
٥٩- كَدِينِكَ مِنْ أُمِّ الحُوَيْرِثِ قَبْلِهَا | وَجَارَتِهَا أُمِّ الرِّبابِ بمَأْسَلِ |
٦٠- تَقُولُ وَقَدْ دَرَأْتُ لَهَا وَضِينِي | أَهَذَا دِينُهُ أَبَداً وَدينِي |
والقضاءُ؛ ومنه قولُه تبارك وتعالى :﴿ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ الله ﴾ [ النور : ٢ ]، أَيْ : في قَضَائِهِ وحُكْمِهِ.
والحَالُ؛ سُئِلَ بعضُ الأعرابِ فقال :« لو كنتُ على دِينٍ غير هذه، لأَجَبْتُكَ »، أَيْ : على حَالَةٍ.
والدَّاءُ؛ ومنه قولُ الشاعرِ في ذلك :[ البسيط ]
٦١- يَا دِينَ قَلبِكَ مِنْ سَلْمَى وَقَدْ دِينَا... ويُقالُ : جِنْتُهُ بفعله أَدِينُه دَيْناً أَدِينُه دَيْناً وَدِيناً -بفتح الدَّال وكَسْرِها في المصدر- أيْ : جَازَيْتُه.