وأبعد من جعلها زائدة لوجهين :
أحدهما : زيادتها في الواجب، وكون المجرور بها معرفةً، وهذا لا يقول به بَصْرِيّ ولا كُوفِيّ إلاّ أبا الحسن الأَخْفَشَ.
والثاني : أن يكون جميع الثمرات رزقاً لنا. وهذا يخالف الواقع؛ إذ كثير من الثمرات ليس رزقاً لنا. وجعلها الزمخشري لبيان الجنس، وفيه نظر؛ إذ لم يتقدم ما يبين هذا، وكأنه يعني أنه بيان ل « رزقاً » من حيث المعنى.
و « رزقاً » ظاهره أنه مفعول به ناصبه « أخرج »، ويجوز أن يكون « من الثمرات » في موضع المفعول به، والتقدير : فأخرج ببعض الماء بعض الثمرات، وفي « رزقاً » حينئذ وجهان :
أحدهما : أن يكون حالاً على أن الرزق بمعنى المرزوق كالطَّحْن والرَّعْي.
والثاني : أن يكون مصدراً منصوباً على المفعول من أجله، وفيه شروط النصب موجودة.
وأجاز أبو البقاء أن يكون « من الثمرات » حالاً من « رزقاً » ؛ لإنه لو تأخر لكان نعتاً، فعلى هذا يتعلق بمحذوف.
وجعل الزمخشري « من الثمرات » واقعاً موقع الثمر، أو الثمار، يعني مما ناب فيه جمع قلّة عن جمع الكَثْرة نحو :﴿ كَمْ تَرَكُواْ مِن جَنَّاتٍ ﴾ [ الدخان : ٢٥ ] و ﴿ ثَلاَثَةَ قرواء ﴾ [ البقرة : ٢٢٨ ]، ولا حاجة تدعو إلى هذا؛ لأن جمع السَّلامة المحلَّى ب « أل » الَّتي للعموم يقع للكثرة، فلا فَرْقَ إذن بين الثَّمَرَات والثِّمَار، ولذلك ردَّ المحقِّقون قول من رَدَّ على حَسَّان بن ثابت رضي الله عنه :[ الطويل ]
٢٨١- لَنَا الجَفَنَاتُ الغُرُّ يَلْمَعْنَ في الضُّحَى | وَأَسْيَافُنَا يَقْطُرْنَ مَنْ نَجْدَةٍ دَمَا |
و « لكم » يحتمل التعلّق ب « أخرج »، ويحتمل التعلّق بمحذوف، على أن يكون صفة ل « رزقاً ». هذا إن أريد بالرزق المرزوق، وإن أريد به المصدر، فيتحمل أن تكون الكاف في « لكم » مفعولاً بالمصدر واللام مقوية له نحو :« ضربت ابني تأديباً له » أي : تأديبه.
قوله :﴿ فَلاَ تَجْعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً ﴾ « الفاء » للتسبب أي : تسبب عن إيجاد هذه الآيات الباهرة النهي عن اتخاذكم الأنداد، و « لا » ناهية، و « تجعلوا » مجزوم بها، علامة جزمه حذف النون، وهي هنا بمعنى تُصَيِّرُوا.
وأجاز أبو البَقَاءِ أن تكون بمعنى : تُسَمُّوا، وعَلَى القولين فيتعدى لاثنين.
أولهما :« أنداداً ».
وثانيهما : الجار والمجرور قبله، هو واجب التقديم، و « أنداداً » جمع نِدّ.
وقال أبو البقاء :« أنداداً » جمع « نِدّ » و « نديد »، وفي جعله « نديد » نظر؛ لأنّ أفعالاً يحفظ في فعيل بمعنى فاعل، نحو : شريف وأشراف، ولا يقاس عليه.