﴿ فَغَشِيَهُمْ مِّنَ اليم مَا غَشِيَهُمْ ﴾ [ طه : ٧٨ ] إلا أنه خلاف المشهور أو لتقدم ذكرها في سورة التحريم -وهي مدينة بالاتفاق- وقد غلط الزمخشري في ذلك.
والمشهور فتح واو الوقود، وهو اسم ما يوقد به.
وقيل : هو مصدر كالوَلوع والقَبُول والوَضُوء والطَّهُور، ولم يجيء مصدر على « فَعُول » غير هذه الألفاظ فيما حكاه سيبويه.
وزاد الكسائي : الوَزُوع. وفرئ شاذًّا في سورة « ق » ﴿ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ ﴾ [ ق : ٣٨ ] فتصير سبعة، وهناك ذكرت هذه القراءة، ولكن المشهور أن الوَقُود والوَضُوء والطَّهُور بالفتح اسم، وبالضم مصدر.
وقرأ عيسى بن عمر بفتحها وهو مصدر.
وقال ابن عطية : وقد حكيا في المصدر. انتهى.
فإن أريد اسم ما يوقد به فلا حاجة إلى تأويل، وإن أريد بهما المصدر فلا بد من تأويل، وهو إما المُبَالغة أي : جُعِلُوا نفس التوقد مبالغة في وضعهم بالعذاب، وإمَّا حذف مضاف، إمّا من الأول أي أصحاب توقدها، وإمّا من الثاني أي : يوقدها إحراق الناس، ثم حذف المُضَاف، وأقيم المضاف إليه مُقَامه. والهاء في « الحِجَارة » لتأنيث الجمع.
فَصْلٌ في تثنية « الَّتي » وجَمْعِهِ
وفي تثنية « الّتي » بحذف النون، و « اللَّتانّ » بتشديد النون، وفي جمعها خَمْسُ لُغَاتٍ :« اللاَّتي » -وهي لغة القرآن - و « اللاَّتِ » -بكسر التاء بلا ياء - و « اللَّوَاتي »، و « اللَّوَاتِ » -بلا ياء، وأنشد أبو عُبَيْدة :[ الرجز ]
٣٠١- مِنَ اللَّوَاتِي وَالَّتِي وَاللاَّتِ | زَعَمْنَ أَنِّي قَدْ كَبِرْتُ لِدَاتي |
وزاد ابن الشَّجَرِيَّ :« اللاَّئي » بالهمز وإثبات « الياء »، و « اللاءِ » بكسر « الهمزة » وحذف « الياء » و « اللاّ » بحذف الهمزة، فإن جمعت الجمع، قلتَ في « اللاتي » :« اللواتي » وفي « اللائي » :« اللوائي ».
قال الجوهريُّ : وتصغير « الَّتي » « اللَّتَيَّا » بالفتح والتشديد، قال الراجز :[ الرجز ]
٣٠٢- بَعْدَ اللَّتَيَّا واللَّتَيَّا وَالَّتِي | إذَا عَلَتْهَا أَنْفُسٌ تَرَدَّتِ |
٣٠٣- مِنْ أجْلِكِ يَا الَّتي تَيَّمْتِ قَلْبِي | وَأَنْتِ بَخِيلَةٌ بِالوُدِّ عَنِّي |
فَصْلٌ
قال ابن الخطيب : انتفاء إتيانهم بالسورة واجبٌ، فهلاًّ جيء ب « إذا » الذي للوجوب دون « إن » الذي للشك؟ والجواب : من وجهين :
أحدهما : أنه ساق القول معهم على حسب حسابهم، وأنهم لم يكونوا بعد جازمين بالعجز عن المُعَارضة؛ لاتكالهم على فصاحتهم، واقتدارهم على الكلام.