ذكره البُخَاري رضي الله عنه، واختاره الكسائيُّ. والزَّوجُ أيضاً : الصِّنْفُ، والتثنية : زوجان.
والطّهارة : النظافة، والفِعْلُ منها طَهَرَ بالفتح، ويَقِلُّ الضَّمُ، واسم الفاعل منها « طاهر » فهو مقيسٌ على الأوَّلِ، شاذّ على الثَّاني، ك « خاثر » و « حامِض » من خَثُرَ اللبنُ وحَمُضَ بضمِّ للعين. فإن قيل : طاهرة، الجوابُ : في المُطَهَّرةِ إشعارٌ بأنَّ مُطَهِّراً طَهَّرَهُنَّ، وليس ذلك إلاَّ الله تعالى، وذلك يفيد فخامة أهل الثواب، كأنَّهُ قيل : إنَّ الله -تعالى- هو الَّذي زَيَّنَهُنَّ.
قال مُجَاهد :« لا يَبُلْنَ ولا يَتَغَوَّطْنَ وَلاَ يلِدْنَ وَلاَ يَحِضْنَ، وَلاَ يُبْغَضْنَ ».
وقال بعضه :« مُطَهَّرةٌ في اللغة أجمع من طاهرة وأَبْلَغ ».
قوله :﴿ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ هم مبتدأ، وخالدون خبره، وفيها متعلّق به.
وقال القرطبيُّ :« والظرفُ مَلْغِيٌّ، وقُدِّم ليوافق رؤوس الآي » وأجازوا أن يكون « فيها » خبراً أول، و « خالدون » خبر ثانٍ، وليس هذا بِسَدِيدٍ، وهذه الجملة والتي قبلها عطفٌ على الجملةِ قبلهما حسب ما تقدَّم.
وقال أبو البقاء :« وهاتان الجملتان مستأنفتان، ويجوز أن تكون الثانية حالاً من الهاء والميم في » لهم «، والعامِلُ فيها معنى الاستقرار ».
قال القرطبي :« ويجوز في غير القرآن نصب » خالدين « على الحال ».
و « الخلود » : المكث الطويل، وهل يُطْلَقُ على ما لا نهاية له بطريق الحقيقة أو المجاز؟ قولان.
قالت المعتزلة :« الخلد » : هو الثباتُ اللاَّزم، والبقاء الدائمُ الذي لا يقطع، واحْتَجُّوا بالآية، وبقوله :﴿ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الخلد أَفَإِنْ مِّتَّ فَهُمُ الخالدون ﴾ [ الأنبياء : ٣٤ ] فنفى الخلد عن البَشَرِ مع أنَّه -تعالى- أعطى بعضهم العمر الطويل، والمنفيّ غير المثبت، فالخلدُ هو البقاءُ الدَّائمُ؛ وبقول امرئ القيس :[ الطويل ]

٣٢١- وَهَلْ يَنْعَمَنْ إلاَّ سَعيدٌ مُخَلَّدٌ قَلِيلُ الهُمُومِ ما يَبِيتُ بأَوْجَالِ
قال ابن الخطيب : وقال أصحابنا : الخلدُ هو الثّباتُ الطويل، سواء دام أو لم يَدُم؛ واستدلُّوا بقوله تعالى :﴿ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ﴾ [ التوبة : ١٠٠ ] ولو كان التأبيد داخلاً في مفهوم الخلد، لكان ذلك تكرُّراً، واستدلّوا أيضاً بالعرفِ؛ يقال : حَبَسَ فلانٌ فُلاَناً حَبْساً مُخَلَّداً، ويكتبُ في الأوقاف : وقَفَ فلانٌ وَقْفاً مُخَلَّداً.
وقال الآخرون :« العقلُ يَدُلُّ على دوامه؛ لأنه لو لم يجب الدوام، لجوّزوا انقطاعه، فكان خوف الانقطاع ينغص عليهم تلك النعمة، لأنَّ النِّعْمَةَ كُلَّمَا كانت أعظم كان خوفها انقطاعها أعظم وقعاً في القَلْبِ، وهذا يقتضي ألا ينفك أهل الثواب [ ألبتة ] من الغم والحسرةِ، وقد يجابُ عنه بأنَّهم عرفوا ذلك بقرينة قوله :» أبداً «.


الصفحة التالية
Icon