وقيل :« بعوضة » هو المفعول، و « مثلاً » نُصِبَ على الحالِ قُدِّمَ على النكرةِ.
وقيل : نُصِبَ على إسقاط الخافض، التقدير : ما بين بعوضةٍ، فلمَّا حُذِفَتْ « بين » أعربت « بعوضة » بإعرابها، وتكون الفاء في قوله :« فما فوقها » بمعنى إلى، أي : إلى ما فوقها، ويعزى هذا للكسائي والفرّاء وغيرهم من الكوفيين؛ وأنشدوا :[ البسيط ]
٣٢٦- يَا أَحْسَنَ النَّاسِ مَا قَرْناً إلَى قَدَمٍ | وَلاَ حِبَالَ مُحِبٍّ وَاصِلٍ تَصِلُ |
وَحَكَوْا :« له عشرون ما ناقةً فَجَمَلاً »، وعلى القول الثَّاني يكونُ « مثلاً » مفعول أوَّلَ، و « ما » تحتمل الوجهين المتقدمين، و « بعوضةً » مفعولٌ ثانٍ.
وقيل : بعوضةً هي المفعولُ الأولُ، و « مَثَلاً » هو الثَّاني، ولَكِنَّهٌُ قُدِّم.
وتلخَّص مما تقدَّم أنَّ في « ما » ثلاثة أوجه :
زائدة، صفة لما قبلَها، نكِرةٌ موصوفةٌ، وأنَّ في « مثلاً » ثلاثة أيضاً :
مفعول أوّل، أو مفعول ثان، أو حالٌ مقدّمة، وأنَّ في « بعوضة » تسعة أوجه، والصوابُ من ذلك كُلُّه أن يكون « ضَرَبَ » متعدِّياً لواحدٍ بمعنى بَيَّنَ، و « مثلاً » مفعولٌ به، بدليل قوله :« ضُرِبَ مَثَلٌ »، و « ما » صفةٌ للنَّكِرة، و « بعوضةً » بدلٌ لا عطف بيان، لأن عطف البيان ممنوع عند جمهور البصريين في النكرات.
وقرأ إبراهيم بن أبي عَبْلَةَ والضَّحَّاكُ ورؤبة بن العجاج برفع « بعوضةٌ » واتفقوا على أنَّها خبرٌ لمبتدأ، ولكنهم اختلفوا في ذلك المبتدأ، فقيل : هو « ما » على أنَّها استفهاميةٌ أيك أيُّ شيء بعوضةٌ، وإليه ذهب الزمخشري ورَجَّحَهُ.
وقيل : المبتدأ مضمرٌ تقديرُه « : هو بعوضةٌ، وفي ذلك وجهان :
أحدهما : أن تُجْعَلَ هذه الجملة صلة ل » ما « لكونها بمعنى الذي، ولكنَّه حذف العائد، وإن لم تَطُل الصِّلةُ، وهذا لا يجوز عند البصريين إلاَّ في » أيّ « خاصّة لطولها بالإضافة، وأمَّا غيرُها فشاذٌّ، أو ضرورة كقراءة :