٣٣٤- سَوامِقُ جَبَّارٍ أَثِيثِ فُرُوعُهُ وَعَالَيْنَ قِنْواناً مِنَ البُسْرِ أَحْمَرَا
أصله : من البُسْرِ الأَحْمَرِ.
فَصْلٌ في معنى الإرادة واستقاقها
و « الإرادةُ » لغةٌ طلبُ الشيءً مع المَيْلِ إليه، وقد تتجرّد للطلب، وهي التي تنسبُ إلى اللهِ - تعالى - وعَيْنُها واوٌ من رادَ يرودُ، طَلَبَ، فأصلُ « أراد » أَرْوَدَ « مثل : أقام، والمصدرُ الإرادةُ مثلُ الإقامةِ، وأصلُها : إرْوَاد فأُعِلَّتٍ وعُوِّضَ من محذوفِها تاءُ التأنيث.
فَصْلٌ في ماهية الإرادة
و »
الإرادةُ « ماهية يجدها العاقل من نفسه، ويُدْرِكُ بالتفرقةِ البديهية بينها وبين علمه وقدرته وألمه ولذّته، وإذا كان كلك لم يكن تصور ماهيتها محتاجاً إلى التعريف.
وقال المتكلمون : إنها صفة تقتضي رُجْحَانَ أحد طرفي الجائز على الآخر، لا في الوقوع، بل في الإيقاع، واحترزنا بهذا القِيْدِ الأخير عن القدرةِ.
قوله :»
﴿ يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً ﴾ الياء فيه للسَّببيَّة، وكذلك في « يهدي به »، وهاتان الجملتان لا محل لهما؛ لأنَّهما كالبيان للجملتين المُصَدَّرَتِيْنِ ب « أَمَّا »، وهما من كلام الله تعالى. وقيل : في محلِّ نَصْبِ؛ لأنهما صفتان ل « مَثَلاً » أي : مَثَلاً يُفَرِّقُ النَّاس به إلى ضُلاَّلٍ ومُهْتَدِين، وهما على هذا من كلام الكفَّار.
وأجاز أبو البقاء أن تكون حالاً من اسم الله، أي : مُضِلاَّ به كثيراً، وهادياً به [ كثير ].
وجَوَّزَ ابن عطية أن يكون جملة قوله :« يُضِلُّ بِعِ كَثِيراً » من كلام الكُفَّارِ، وجملةُ قوله :« وَيَهْدِي بِهِ كَثيراً » من كلام الباري تعالى. وهذا ليس بظاهرٍ لأنّهُ إلباسٌ في التركيب.
والضميرُ في « به » عائدٌ على « ضَرْب » المضاف تقديراً إلى المَثَل، أي يضرب المثل، وقيل : الضميرُ الأوّل للتكذيب، والثاني للتصديق، ودَلَّ على ذلك قوة الكلام.
[ وقُرِئ :« يُضَلُّ به كثيرٌ، ويُهِدَى به كثيرٌ، وما يُضِلُّ بِهِ إلاَّ الفَاسِقُونَ » بالبناء للمفعول ].
وقُرِئَ أيضاً :« يَضِلُّ كَثِيرٌ ويَهْدِي به كثيرٌ، وما يَضِلُّ بِهِ إِلاَّ الفَاسِقون » بالبناء للفاعل.
قال بعضهم :« وهي قراءة القَدَرِيَّة، وقد نَقَلَ ابن عطية عن أبي عمرو الدَّاني أنَّهَا قراءة المعتزلة ». ثم قال : وابن أبي عبلةَ من ثِقَاتِ الشاميين « يعني قارئها، وفي الجملةِ فهي مخالفة لسواد المصحفِ.
فإنْ قيل : كيف وصف المهتدين هنا بالكثرة وهم قليلون؛ لقوله :﴿ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ﴾ [ ص : ٢٤ ]، و ﴿ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشكور ﴾ [ سبأ : ١٣ ] فالجوابُ أَنّهم، وإن كانوا قليلينَ في الصُّورة، فهم كثيرون في الحقيقةِ؛ كقوله :[ البسيط ]
٣٣٥- إِنَّ الكِرَامَ كَثِيرٌ فِي الْبِلاَدِ وَإِنْ قَلُّوا كَمَا غَيْرُهُمْ قَلَّ وَإِنْ كَثُرُوا
فصار ذلك باعتبارين.
فَصْلٌ في استعمالات الهمزة
قال ابن الخطيب :»
الهمزةُ تجيءُ تارةً لتنقل الفِعْلِ من غير التعدِّي إلى التعديّ كقولك :« خَرَجَ » فَإِنَّهُ غير متعدٍّ، فإذّا قلت « أَخْرج » فقد جعلته متعدّياً، وقد تجيء لتنقل الفعل من التعدِّي إلى غير التعدِّي كقوله : كَبَبَتْهُ فأكب « وقد تجيء لمجرّد الوجدان ».


الصفحة التالية
Icon