« من ظَلَمَ قِيْد شِبْرٍ مِنَ الأرض طُوِّقَهُ من سبع أرضين » إلى غير ذلك.
وروى أبو الضحى -واسمه مسلم- عن ابن عباس -Bه- قال :« الله الذي خَلَقَ سبع سَمَاواتٍ ومن الأرضِ مِثْلَهُنَّ قال : سبع أرضين في كل أرض نَبِيّ كنبيكم، وآدم كآدم، ونوح كنوح، وإبراهيم كإبراهيم وعِيسَى كعيسى » قال البيهقي : إسناد هذا عن ابن عَبَّاسٍ صحيح وهو شاذّ لا أعلم لأبي الضّحى عليه دليلاً.
و « السماء » تكون جمعاً ل « سماوة » في قول الأخفش، و « سماءة » في قول الزّجاج، وجمع الجمع « سَمَاوات » و « سماءات »، فجاء « سِوَاهن » إما على أن « السّماء » جمع، وإما على أنها مفرد اسم جنس، وقد تقدّم الكلام على « السَّماء » في قوله :﴿ أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السمآء ﴾ [ البقرة : ١٩ ].
قوله :﴿ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ هو : مبتدأ، و « عليم » خبره، والجار قبله يتعلّق به.
واعلم انه يجوز تسكين هاء « هُو » و « هي » بَعْدَ « الواو » و « الفاء » و « لام » الابتداء و « ثُمّ » ؛ نحو :﴿ فَهِيَ كالحجارة ﴾ [ البقرة : ٧٤ ] ﴿ ثُمَّ هُوَ يَوْمَ القيامة ﴾ [ القصص : ٦١ ] ﴿ لَهُوَ الغني ﴾ [ الحج : ٦٤ ] ﴿ لَهِيَ الحيوان ﴾ [ العنكبوت : ٦٤ ] وقرأ بها الكسائي وقالون عن نافع، تشبيهاً ل « هُو » ب « عَضُد » ول « هِي » ب « كَتِف »، فكما يجوز تسكين عين « عَضُد » و « كَتِف » يجوز تسكين هاء « هُوَ »، و « هِي » بعد الأحرف المذكورة؛ إجراءً للمنفصل مجرى المتّصل، لكثرة دورها معها، وقد تسكن بعد كاف الجر؛ كقوله :[ الطويل ]
٣٤٨- فَقُلْتُ لَهُمْ :

مَا هُنَّ كَهِيَ فَكَيْفَ لِي سُلُوٌّ وَلاَ أَنْفَكُّ صَبًّا مُتَيَّمَا
وبعد همزة الاستفهام؛ كقوله :[ البسيط ]
٣٤٩- فَقُمْتُ للطَّيْفِ مُرتاعاً فَأَرَّقَنِي... فَقُلْت : أَهِيَ سَرَتْ أمْ سَرَت أَمْ عَادِنِي حُلُمُ
وبعد « لكن » في قراءة ابن حَمْدُون :﴿ لَّكِنَّ هُوَ الله رَبِّي ﴾ [ الكهف : ٣٨ ] وكذا في قوله :﴿ يُمِلَّ هُوَ ﴾ [ البقرة : ٢٨٢ ]. فإن قيل عليم « فعيل » من « علم »، و « علم » متعدّ بنفسه، فكيف تعدّى ب « الباء »، وكان من حقه إذا تقدم مفعوله أن يتعدّى إيله بنفسه أو ب « اللام » المقوية، وإذا تأخر أن يتعدى إيله بنفسه فقط؟
فالجواب : أن أمثلة المُبالغة خالفت أفعالها، وأسماء فاعليها لمعنى وهو شبهها ب « أفعل » التفضيل بجامع ما فيها ن مَعْنَى المبالغة، و « أفعل » التفضيل له حكم في التعدّي، فأعطيت أمثلة المُبَالغة ذلك الحكم، وهو أنها لا تَخْلُو من أن تكون من فعل متعدٍّ بنفسه أو لا.
فإن كان الأول فإما أن يفهم علماً أو جهلاً أو لا.


الصفحة التالية
Icon