و « للملائكة » متعلّق ب « قال » واللاَّم للتبليغ. و « ملائكة » جمع « مَلَك »، واختلف في « ملك » على ستة أقوال، وذلك أنهم اختلفوا في ميمه، ها هي أصلية أو زائدة؟ والقائلون بأصالتها اختلفوا.
فقال بعضهم :« ملك » وزنه « فَعَلٌ » من المِلْك، وشذّ جمعه على « فَعَائلة »، فالشذوذ في جمعه فقط.
وقال بعضهم : بل أصله « مَلأْك »، والهمزة فيه زائدة ك « شَمْأَل »، ثم نقلت حركة الهمزة إلى « اللام »، وحذفت الهمزة تخفيفاً، والجمع جاء على أصل الزيادة، فهذان قولان عند هؤلاء.
والقائلون بزيادتها اختلفوا أيضاً :
فمنهم من قال : هو مشتقٌّ من « أَلَكََ » أي : أرسل، ففاؤه همزة، وعينه لام؛ ويدلّ عليه قوله :[ المنسرح ]
٣٥١- أَبْلِغْ أَبا دَخْتَنُوسَ مَألُكَةً | عَنِ الَّذِي قَدْ يُقَالُ مِلْكَذِب |
٣٥٢- وَغُلاَمٍ أَرْسَلَتْهُ أُمُّهُ | بِأَلُوكٍ فَبَذَلْنَا مَا سَأَلْ |
٣٥٣- أَبْلِغِ النُّعْمَانَ عَنِّي مَأْلَكاً | أَنَّه قََدْ طَالَ حَبْسِي وَانْتِظَاري |
ومنهم من قال : هو مشتقّ من » لأك « أي : أرسل أيضاً، ففاؤه لام، وعينه همزة، ثم نقلت حركة الهمزة، وحذفت كما تقدّم، ويدلّ على ذلك أنه قد نطق بهذا الأصل قال :[ الطويل ]
٣٥٤- فَلَسْتَ لإِنْسِيٍّ وَلَكِنْ لمَلأَكٍ | تَنَزَّلَ مِنْ جَوِّ السَّمَاءِ يَصُوبُ |
وقيل : هو مشتقٌّ من :» لاَكَهُ -يَلُوكُه « إذا » أداره -يديره « ؛ لأن الملك يدير الرسالة في فِيهِ، فأصل مَلْك : مَلُوك، فنقلت حركة » الواو « إلى » اللام « الساكنة قبلها، فتحرك حرف العلّة، وانفتح ما قبله فقلب » ألفاً «، فصار : ملاكاً مثل :» مقام «، ثم حذفت الألف تخفيفاً، فوزنه :» مفل « بحذف العين، وأصل » ملائكة « :» ملاوكة «، فقلبت » الواو همزة «، ولكن شرط قلب الواو والياء همزة بعد ألف مفاعل أن تكون زائدة نحو :» عَجَائز « و » رَسَائل «، على أنه قد جاء ذلك في الأصل قليلاً قالوا :» مَصَائب « و » مَنَائِر «، وقرىء شاذَّا، ﴿ مَعَايِشَ ﴾ [ الأعراف : ١٠ ] بالهمز، فهذه خمسة أقوال.
السّادس : قال النضر بن شُمَيْلٍ : لا اشتقاق ل » الملك « عند العرب » والهاء « في » ملائكة « لتأنيث الجمع، نحو :» صَلاَدمة «.