٣٨٤- وَسَخَّرَ مِنْ جِنِّ الْمَلاَئِكِ تِسْعَةً قِيَاماً لَدَيْهِ يَعْمَلُونَ بِلاَ أَجْرِ
وقال تعالى :﴿ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً ﴾ [ الصافات : ١٥٨ ] يعني : الملائكة.
واعلم أن المستثنى على أربعة أقسام :
قسم واجب النّصْب، وقسم واجب الجَرّ، وقسم جائز فيه النصب والجر، وقسم جائز فيه النَّصْب والبَدَل مِمَّا قبله، والأرجح البدل.
الأول : المُسْتَثْنَى من الموجب والمقدّم، والمكرر والمنقطع عند « الحجاز » مطلقاً، والواقع بعد « لا يَكُون » و « لَيْسَ » و « ما خَلاَ » و « ما عَدَا » عند غير الجَرْمِيّ؛ نحو :« قَامَ القَوْمُ إلاَّ زَيْداً »، و « مَا قَامَ إلاَّ زَيْداً القَوْمُ »، و « ما قَامَ أحدٌ إلاّ زَيْداً إلا عَمْراً »، و « قاموا إلاّ حِمَاراً » و « قَامُوا لا يكونُ زيداً » و « مَا خضلاَ ويداً » و « مَا عَدَا زيداً ».
الثاني : المستثنى ب « غَيْر » و « سِوًى » و « سُوًى » و « سَوَاء ».
الثالث : المستثنى ب « عَدَا » و « حَاشَا » و « خَلاَ ».
الرابع : المستثنى من غير الموجب؛ نحو :﴿ مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ ﴾ [ النساء : ٦٦ ].
و « إبليس » اختلف فيه، فقيل : إنه اسم أعجمي منح من الصّرف للعلمية والعُجْمة، وهذا هو الصّحيح، قاله « الزَّجاج » وغيره؛ وقيل : أنه مشتقٌّ من « الإبْلاَس » وهو اليأس من رحمة الله -تعالى- والبعدُ عنها؛ قال :[ السريع أو الرجز ]
٣٨٥-................................. وَفِي الْوُجُوهِ صُفْرَةٌ وَإِبْلاَسْ
ووزنه عند هؤلاء :« إِفْعِيل » ؛ واعترض عليهم بأنه كان ينبغي أن يكون منصرفاً، وأجابوا بأنه أِبه الأسماء الأعجميّة لعدم نظيره في الأسماء العربية؛ ورد عليهم بأنه مثله في العربية كثير؛ نحو :« إزْمِيل » و « إكْلِيل » و « إغريض » و « إخْرِيط ».
وقيل : لما لم يقسم به أحدٌ من العرب، صار كأنه دَخِيلٌ في لسانهم، فأشبه الأعجمية، وفيه بُعْدٌ.

فصل في جنس إبليس


اختلفوا في « إبليس »
فقال أكثر المتكلمين والمعتزلة : إنه لم يكن من المَلاَئكة، وهو مرويّ عن ابن عَبَاس، وابن زيد، والحسن، وقتادة -Bهم- قالوا :« إبليس أبو الجِن كما أن آدم أبو البَشَرِ، ولم يكن ملكاً فأشبه الحرف ».
وقال شهر بن حَوْشَبٍ، وبعض الأصوليين :« كان من الجن الذين كانوا في الأرض، وقاتلهم الملائكة فَسَبُوهُ وتعبّد مع الملائكة وخوطب ».
وحكاه الطبري، وابن مسعود، وابن جريح، وابن المسيب، وقتادة وغيرهم، وهو اختبار الشيخ أبي الحَسَنِ، ورجّحه الطبري، وهو ظاهر الآية أنه من الملائكة.
قال ابن عباس :« وكان اسمه عزَازِيل، وكان من أشراف الملائكة، وكان من أُولِي الأَجْنِحَةِ الأَرْبَعَةِ ثم إبليس بعد ».


الصفحة التالية
Icon