ولقائل ان يقول : هو متعلّق به على أنه مصدر، لكنه غير مؤول بحرف مَصْدَرِيّ، بل بمنزلة المصدر في قولهم :« لَهُ ذَكَاءُ الحُكَمَاءِ » وقد اعتذر صاحب هذا القَوْلِ بهذا العذر نفسه في موضع آخر مثل هذا. و « إلى حِينَ » الظَّاهر أنه متعلّق ب « متاع »، وأن المسألة من باب الإعمال؛ لأن كل واحد من قوله :« مستقر ومَتَاع » يطلب قوله :« إلى حِين » من جهة المعنى. وجاء الإعمال هُنضا على مختار البَصْريين، وهو إعمال الثَّاني وإهمال الأول، فلذلك حذف منه، والتقدير : ولكم في الأرض مستقرّ إليه، ومتاع إلى حين، ولو جاء على إعمال الأول لأضمر في الثاني.
فإن قيل : من شرط الإعمال أن يصحّ تسلّط كل من العاملين على المعمول، و « مستقر » لا يصحّ تسلّطه عليه لئلاّ يلزم الفصل بين المَصْدَر ومعموله، والمصدر بتقدير الموصول.
فالجواب : أن المحذور في المصدر الذي يُرَاد به الحدث، وهذا لم يرد به حَدَث، فلا يؤول بموصول، وأيضاً فإنّ الظرف وشبهه فيه رَوَائِح الفعل حتى الأعلام؛ كقوله :[ الرجز ]
٤٠٦- أَنَا ابْنُ مَاوِيَّةَ إذْ جَدَّ النَّقُرْ... و « مستقر » يجوز ان يكون اسم مكان، وأن يكون اسم مصدر، « مستفعل » من القَرَار، وهو اللَّبْثُ؛ ولذلك سميت الأرض قراراً؛ قال :[ الكامل ]

٤٠٧-............................... فَتَرَكْنَ كُلَّ قَرَارِةِ كَالدِّرْهَمِ
ويقال : استقر وَقَرَّ بمعنى واحد.
قال قوم :« المُسْتَقَرّ » : حالتا الحياة والموت، وروى السّدي عن ابن عباس أن المُسْتَقَرّ هو القبر، والأول أولى؛ لأنه - تعالى - قرن به المَتَاع من الأكل والشرب وغيره، وذلك لا يليق إلا بِحَالِ الحَيَاة؛ ولأنه خاطبهم بذلك عند الإهباط، وذلك يقتضي الحياة والمَتَاع. :
واختار أبو البَقَاء أن يكون « إلى حين » في مَحَلّ رفع صفة ل « متاع ».
و « المتاع » : البُلْغَة مأخوذة من متع النهار، أي : ارتفع.
وقال أبو العباس المقرئ : و « المتاع » على ثلاثة أوجه :
الأول : بمعنى « العيش » كهذه الآية.
الثاني : بمعنى :« المَنْفَعَة » قال تعالى :﴿ أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ البحر وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَّكُمْ ﴾ [ المائدة : ٩٦ ] أي : منفعة لكم ولأنعامكم.
الثالث : بمعنى « قليل » قال تعالى :﴿ وَمَا الحياة الدنيا فِي الآخرة إِلاَّ مَتَاعٌ ﴾ [ الرعد : ٢٦ ] أي : قليل.
و « الحين » : القطعة من الزمان طويلةً كانت او قصيرةً، وهذا هو المشهور.


الصفحة التالية
Icon