وقيل : خلقه الإنابة والرجوع في قلب المسمى، وآخر الطَّاعات على جَوَارِحِه، ووصف العَبْدِ بها ظاهر؛ لأنه يرجع عن المعصية إلى الطاعة.
و « التواب الرحيم » صفتا مُبَالغة، ولا يختصَّان بالباري تعالى.
قال تعالى :﴿ يُحِبُّ التوابين ﴾ [ البقرة : ٢٢٢ ]، ولا يطلق عليه « تائب »، وإن صرح بفعله مسند إليه تعالى. وقدم « التواب » على « الرحيم » لمناسبة « فتاب عليه »، ولأنه مناسب لختم الفواصل بالرحيم.
وقوله :﴿ إِنَّهُ هُوَ التواب الرحيم ﴾ نظير قوله تعالى :﴿ إِنَّكَ أَنْتَ العليم الحكيم ﴾ [ البقرة : ٣٢ ].
وأدغم أبو عمرو هاء « إنَّه » في هاء « هُوَ »، واعترض على هذا بأنّ بين المثلين ما يمنع من الإدغام وهو « الواو » ؛ واجيب : بأن « الواو » وُصْلَةٌ زائدةٌ لا يعتدّ بها؛ بدليل سقوطها في قوله :[ الوافر ]
٤١١- لَهُ زَجلٌ كأَنَّهُ صَوْتُ حَادٍ | إذَا طَلَبَ الوَسِيقَةَ أَوْ زِميرُ |
٤١٢- أوْ مُعْبَرُ الظَّهْرِ يُبْنِي عَنْ وَلِيَّتِهِ | مَا حَجَّ رَبَّهُ في الدُّنْيَا وَلاَ اعْتَمَرَا |
فصل في نظم الآية
قوله :« فتاب عليه » أي : قبل توبته، أو وفقه للتوبة، وكان ذلك في يوم عاشوراء في يوم الجُمُعَة.
فإن قيل : لم قال « عليه » ولم يقل :« عليهما »، وحواء مُشَاركة له في الذنب.
فالجواب : انها كانت تبعاً له كما طوى حكم النِّسَاء في القرآن والسُّنة.
وقيل : لأنه خصّه بالذكر في أوّل القصّة بقوله :﴿ اسكن ﴾ [ البقرة : ٣٥ ]، فكذلك خصّه بالذكر في التلقّي.
وقيل : لأن المرأة حرمة ومستورةٌ، فأراد الله السّتر بها، ولذلك لم يذكرها في القصّة في قوله :﴿ وعصى ءَادَمُ رَبَّهُ فغوى ﴾ [ طه : ١٢١ ].