قوله :﴿ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ﴾ قد تقدّم أنه يجوز أن يكون جواباً للشرط، فيكون في محلّ جزم، وأن يكون خبراً ل « من » إذا قيل بأنها موصولة، وهو أولى لمقابلته بالمَوْصُول في قوله :﴿ والذين كَفَرواْ ﴾ [ البقرة : ٣٩ ]، فيكون في محل رفع، و « لا » يجوز أن تكون عاملة عمل « ليس » فيكون « خوف » اسمها، و « عليهم » في محلّ نصب خبرها، ويجوز أن تكون غير عاملة، فيكون « خوف » مبتدأ «، و » عليهم « في محلّ رفع خبره، وهذا أولى مما قبله لوجهين :
أحدهما : أن عملها عمل »
ليس « قليل، ولم يثبت إلاّ شيء محتمل، وهو قوله :[ الطويل ]

٤٢٠- وَحَلَّتْ سَوَادَ القَلْبِ لا أَنَا بَاغِيَا سِوَاهَا وَلاَ في حُبِّهَا مُتَرَاخِيَا
ف » أَنَا « اسمها و » بَاغِيَا « خبرها.
قيل : ولا حجّة فيه؛ لأن »
بَاغِيَا « حال عاملها محذوف هو الخَبَرُ في الحقيقة تقديره : وَلاَ أَنَا أَرَى بَاغِياً، أو يكون التقدير : ولا أَرَى باغِيا، فلما حذف الفعل انفصل الضمير.
وقرئ :»
فَلاَ خَوْفٌ « بالرفع من غير تنوين، والأحسن فيه أن تكون الإضافة مقدّرة، أي : خوف شيء.
وقيل : أنه على نِيَّةِ الألف واللام.
وقيل : حذف التنوين تخفيفاً، وقرأ الزهري، والحسن وعيسى بن عمر، وابن أبي إسحاق، ويعقوب :»
فَلاَ خَوْفَ « مبنياً على الفتح؛ لأنها » لا « التبرئة، وهي أبلغ في النَّفي، ولكن الناس رجَّحوا قراءة الرفع.
قال »
أبو البقاء « : لوجهين :
أحدهما : أنه عطف عليه ما لا يجوز فيه إلاَّ الرفع، وهو قوله :»
ولا هم « لأنه معرفة، و » لا « لا تعمل في المَعَارِف، فالأولى أن يجعل المعطوف عليه كذلك لِتَتَشَاكل الجملتان، ثم نظره بقولهم :» قام زيد وعمراً كلّمته « يعني في تَرْجيح النَّصْب في جملة الاشتغال للتشاكل.
ثم قال : والوجه الثاني : من جهة المعنى، وذلك أن البناء يدلّ على نفي الخوف عنهم بالكلية، وليس المراد ذلك، بل المراد نفيه عنهم في الآخرة.
فإن قيل : لم لا يكون وجه الرفع أن هذا الكلام مذكور في جزاء من اتبع الهُدَى، ولا يليق أن ينفى عنهم الخوف اليسير، ويتوهّم بثبوت الخوف الكثير.
قيل : الرفع يجوز أن يضمر معه نفي الكثير، تقديره : ولا خوف كثير عليهم، فيتوهّم ثبوت القليل، وهو عكس ما قدر في السُّؤال، فبان أن الوجه في الرفع ما ذكرنا.
قوله :»
ولا هم يحزنون « تقدّم أنه جملة منفية، وأن الصَّحيح أنها غير عاملةٍ. و » يحزنون « في محلّ رفع خبر للمبتدأ، وعلى ذلك القَوْل الضَّعيف يكون في محلّ نصب و » الخوف « : الذُّعر والفَزَع، يقال : خاف يَخَاف خوفاً، فهو خائف، والأصل : خوف بوزن » علم « ويتعدّى بالهمزة والتضعيف، قال تعالى :


الصفحة التالية
Icon