فالجواب : إنما حذف بعد أن صار منصوباً بحذف حرف الجرّ اتساعاً فبقي « أنعمتها » وهو نظير :﴿ كالذي خاضوا ﴾ [ التوبة : ٦٩ ] في أحد الأوجه، وسيأتي إن شاء الله تعالى. و « عليكم » متعلّق به، وأتى ب « على » دلالة على شمول النعمة لهم. قوله :﴿ وَأَوْفُواْ بعهدي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ﴾. هذه جملة أمرية عطف على الأمكرية قبلها. ويقال :« أَوْفَى »، و « وَفَى » مشدداً ومخففاً ثلاث لغاتٍ بمعنى؛ قال الشاعر :[ البسط ]
٤٢٩ أَمَّا ابْنُ [ طُوْقٍ ] فَقَدْ أَوْفَى بِذِمَّتِهِ | كَمَا وَفَى بِقِلاَصِ النَّجْمِ حَادِيها |
٤٣٠ رُبَّمَا أَوْفَيْتُ في عَلَمٍ | تَرْفَعَنْ ثَوْبِي شَمَالاتُ |
وهكذا كل ما جزم في جواب طلب يجري فيه هذا الخلاف.
وقرأ الزّهري :« أَوَفِّ » بفتح الواو وتشديد الفاء للتَّكثير.
و « بِعَهْدِكُمْ » متعلّق به [ وهذا ] محتمل للإضافة إلى الفاعل، أو المفعول على ما تقدّم.
فصل في المراد بالعهد المأمور بوفائه
في العَهْدِ المأمور بوفائه قولان :
أحدهما : أنه جميع ما أمر الله به من غير تخصيص، وقوله :﴿ أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ﴾ أراد به الثواب والمغفرة.
وقال « الحسن » : هو قوله :﴿ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثني عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ الله إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصلاة وَآتَيْتُمْ الزكاة ﴾ إلى قوله :﴿ الأنهار ﴾ [ المائدة : ١٢ ].
وحكى « الضحاك » عن ابن عباس أوفوا بما أمرتكم به من الطَّاعات، ونهيتكم عنه من المعاصي، وهو قول جمهور المفسرين.
وقيل : هو ما أثبته في الكتب المتقدّمة في صفة محمد ﷺ وأنه سيبعثه على ما قال في سورة المائدة :