وقيل : هو من « وأل » إذا نجا، ففاؤه واو، وعينه همزة، وأصله :« أوأل » فخففت بأن قلبت الهمزة واواً، وأدغمت الواو الأولى فيها فصار :« أول »، وهذا ليس بقياس تخفيفه، بل قياسه أن تلقى حركة الهمزة على « الواو » الساكنة، وتحذف الهمزة، ولكنهم شبهوه ب « خَطِية وبَرِية » وهو ضعيف، والجمع :« أوَائِل » و « أَوَالي » أيضاً على القلب.
وقيل : هو من « آلَ يَئُولُ » إذا رجع، وأصله :« أَأْوَل » بهمزتين، الأولى زائدة والثانية فاؤه، ثم قلبت فأخرت الفاء بعد العين فصار :« أَوْأَل » بوزن « أَعْفَل »، ثم فعل به ما فعل في الوجه الذي قبله من القلب والإدْغَام، وهو أضعف منه.
وقيل : هو « وَوّل » بوزن « فَوْعَل »، فأبدلت الواو الأولى همزة، وهذا القول أضعفها؛ لأنه كان ينبغي أن ينصرف، والجمع « أوائل » والأصل :« وواول » فقلبت الاولى همزة لما تقدم، والثالثة أيضاً لوقوعها بعد ألف الجمع، وإنما لم يجمع لعى « أواول » لاستثقالهم اجتماع واوين بينهما ألف الجمع.
واعلم أن « أوّل » « أفعل » تفضيل، و « أفعل » التفضيل إذا أضيف إلى نكرة كان مفرداً مذكراً مطلقاً، ثم النكرة المضاف إليها « أفعل »، إما أن تكون جامدةً أو مشتقةً، فإن كانت جامدة طابقت ما قبلها نحو : الزّيدان أفضلُ رجلين، الزيدون أفضلُ رجال، الهندات أفضلُ نسوة.
وأجاز المبرد إفرادها مطلقاً.
وإن كانت مشتقة، فالجمهور أيضاً على وجوب المطابقة، نحو :« الزيدون أفضلُ ذاهبين وأكرمُ قادمين »، وأجاز بعضهم المُطَابقة وعدمها؛ أنشد الفراء :[ الكامل ]

٤٣٢ وَإِذَا هُمُ طَعِمُوا فَأَلأَمُ طَاعِمٍ وَإِذَا هُمْ جَاعُوا فَشَرٌّ جِيَاع
فأفرد في الأول، وطابق في الثاني، ومنه عندهم :﴿ وَلاَ تكونوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ ﴾ [ البقرة : ٤١ ].
إذا تقرر هذا، فكان ينبغي على قوله الجمهور أن يجمع « كافر »، فأجابوا عن ذلك بأوجه :
أجودها : أن « أفْعَل » في الآية، وفي البيت مُضَاف لاسم مفرد مفهم للجمع حذف، وبقيت صفته قائمةً مقامه، فجاءت النكرة المضاف إليها « أفعل » مفردة اعتباراً بذلك الموصوف المحذوف، والتقدير : ولا تكونوا أوّل فريق أو فَوْجٍ كافر، وكذا « فألأم فرق طاعم »، وقيل : لأنه في تأويل :« أول من كفر به ».


الصفحة التالية
Icon