﴿ فَالْتَقَى المآء على أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ﴾ [ القمر : ١٢ ] وهذا إنما يصحّ في حقّ الجسمن ولا يصح في [ حق ] الله تعالى.
قال ابن الخطيب : أجاب الأصحاب بأن اللقاء في اللُّغة : عبارة عن وصول أحد الجِسْمَيْن إلى الآخر بحيثُ يماسّه بمسطحه، يقال : لقي هذا ذاك إذا ماسّه، واتصل به، ولما كانت المُلاَقاة بين الجسمين المدركين سبباً لحصول الإدراك بحيث لا يمتنع إجراء اللفظ عليه، وجب حمله على الإدراك؛ لأن إطلاق لفظ السبب على معنى المسبّب من أقوى وجوه المجاز، فثبت أنه يجب حمل لفظ اللِّقَاء على الإدراك [ أكثر ما في الباب أنه ترك هذا المعنى في بعض الصُّور بدليل يخصه، فوجب إجراؤه على الإدراك ] في البواقي.
وعلى هذا التقرير زالت السُّؤالات.
وأما قوله :﴿ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً ﴾ [ التوبة : ٧٧ ] الآية.
قلنا : لاجل الضرورة؛ لأن المراد : إلى يوم يلقون جزاءه وحكمه، والإضمار على خلاف الدليل، فلا يُصَار إليه إلاّ عند الضرورة.
وأما قوله :﴿ الذين يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ ﴾ فلا ضرورة في صَرْفِ اللفظ عن ظاهره، ويمكن أن يقال ملاقاة كل أحد بحسبه، فالمؤمن من يلقى الله، وهو عنه راضٍ، فيثيبه، وينعم عليه بأنواع النعم : والكافر والحالف الكاذب يلقى الله، وهو عليه غضبان، فعيذبه بأنواع العِقَابِ، كما أن خاصّة الأمير يلقون الأمير، وهو راضٍ عنهم، فيعطيعهم وينعم عليهم، وأما اللّص وقاطع الطريق إذا لقوا الأمير عاقبهم، وقطع أيديهم وأرجلهم وصلبهم بما استحقوا، وشَتَان بين اللقاءين.