وقال « السُّدي » : لما تاب بنو إسرائيل من عبادة العجل بأن قتلوا أنفسهم أمر الله تعالى أن يأتيهم موسى في ناسٍ من بني إسرائيل يعتذرون من عبادتهم العِجْلَ، فاختار موسى سبعين رجلاً، فلما أتوا الطور قالوا : لن نؤمن لك حَتَّى نرى الله جهرةٌ، فأخذتهم الصاعقة، وماتوا، فقام موسى يبكي ويقول : يا رب ماذا أقول لبني إسرائيل، فإ‘ني أمرتهم بالقَتْلِ، ثم اخترت من أنفسهم هؤلاء، فإذا رجعت إليهم، وليس معي منهم أحد فماذا أقول لهم؟ فأحياهم الله تعالى فقاموا، ونظر كل واحد منهم إلى الآخر [ كيف يحييه الله تعالى ].

فصل


في « الصَّاعقة » قولان :
الأول : قال « الحَسَن وقتادة » : هي الموت، لقوله تعالى :﴿ فَصَعِقَ مَن فِي السماوات وَمَن فِي الأرض إِلاَّ مَن شَآءَ الله ﴾ [ الزمر : ٦٨ ] وهذا ضعيف لوجوه :
أحدها : قوله تعالى :﴿ فَأَخَذَتْكُمُ الصاعقة وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ ﴾، ولو كانت الصاعقة هي الموت لا متنع كونه ناظرين إلى الصَّاعقة.
وثانيها : قوله تعالى :﴿ وَخَرَّ موسى صَعِقاً ﴾ [ الأعراف : ١٤٣ ] أثبت الصَّاعقة في حقه مع أنه لم يكن ميتاً؛ لأنه قال : أَفَاقَ، والإفاقة لا تكون عن الموت.
وثالثها : أن الصَّاعقة وهي التي تصعق، وذلك إشارة إلى سبب الموت.
والقول الثاني : الصَّاعقة هي سبب الموت، واختلفوا فيها.
فقيل : هي نار وقعت من السماء فأحرقتهم.
وقيل : صحية جاءت من السماء.
وقيل : أرسل الله جنوداً، فلما سمعوا حسّها خروا صَعِقِيْنَ ميتين يوماً وليلةً.
قوله :﴿ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ ﴾ جلمة حالية، والمعنى : وأنتم تنظرون موت بعضكم خلف بعض، أوك تنظرون إلى ما حَلّ بكم، أو : أنتم أعيتكم صَيْحَةٌ وتفكّر.


الصفحة التالية
Icon