قال أبو البقاءك « وهو أبلغ من السجود »، يعنيك أن جمعه على « فُعَّل » فيه من المُبَالغة ما ليس في جمعه على « فُعُول ».
وأصل باب : بَوَبٌ، لقولهم : أَبْوَاب، وقد يجمع على « أَبْوِبة » ؛ لازدواج الكلام؛ قال :[ البسيط ]
٥١٢ هَتَّاك أَخْبِيَةٍ وَلاَّجُ أَبْوِبَةٍ | يَخْلِطُ بِالْجِدِّ مِنْهُ الْبِرَّ واللِّينا |
٥١٣.................... | يَخْلِطُ بالْبِرِّ مِنْهُ الْجِدَّ وَاللِّيْنَا |
وتَبَوَّبْتُ بَوَّاباً اتخذته. وأبواب مُبَوَّبة، كقولهم : أصناف مصنّفة، وهذا شيء من بابتك، أي : يصلح لك وتقدّم معنى السجود.
قوله :« وَقُولُوا » قال [ ابن كثير ] الواو هنا حالية لا عاطفة، أي : ادخلوا سُجَّداً في حال قولكم حطّة.
وأما قوله :« حطّة » قرىء بالرّفع والنصب، فالرفع على أنه خبر متبدأ محذوف، أي : مسألتنا حطّة، أو أمرك حطة.
قال :« الزمخشري » : والأصل النصب بمعنى : حُطّ عنا ذنوبنا حطّة، وإنما رفعت لتعطي مَعْنَى الثبات كقوله :[ الرجز ]
٥١٤ يَشْكُو إِليَّ جَمَلِي طُولَ السُّرَى | صَبْرٌ جَميلٌ فكِلانَا مُبْتَلى |
وقال « ابن عطية » وقيل : أمروا أن يقولوها مرفوعة على هذا اللفظ.
يعني : على الحكاية، فعلى هذا تكون هي وحَدْهَا من غير تقدير شيء في محلّ نصب بالقول وإنما منع [ النصب ] حركة الحكاية.
وقال أيضاً : وقال عكرمة : أُمِرُوا أن يقولوا : لا إله إلا الله، لِتحطَّ بها ذنوبهم وحَكَى قَوْلَيْن آخرين بمعناه، ثم قال :« فعلى هذه الأقوال تقتضي النَّصب »، يعني أنه إذا كان المَعْنَى على أنّ المأمور به لا يتعيّن أن يكون بهذا اللَّفظ الخاً، بل بأيّ شيء يقتضي حطّ الخطيئة، فكان ينبغي أن ينتصب ما بعد القول مفعولاً به نحك قيل لزيد خيراً، المعنى : قل له ما هو من جنس الْخُيُور. وقال النَّحَاسك الرفع أولى، لما حكي عن العرب في معنى « بَدَّل ».
قال أحمد بن يحيى : بَدّلته أي غيرته، ولم أزل عينه، وأبْدَلْتُه أَزَلْتُ عينه وشَخْصَهُ؛ كقوله :[ الرجز ]
٥١٥ عَزْلَ الأَمِيْرِ لِلأَمِير المُبْدَلِ... وقال تعالى :﴿ ائت بِقُرْآنٍ غَيْرِ هاذآ أَوْ بَدِّلْهُ ﴾ [ يونس : ١٥ ].
وبحديث ابن مسعود قالوا : حطّةٌ تغيؤر على الرَّفع يعني : أن الله تعالى قال : فبدَّل الذي يقتضي التَّغيير لا زَوَالَ العين، قال : وهذا المعنى يقتضي الرَّفع لا النصب.
وقرأ بان أبي عبلة : حطَّةً بالنصب وفيها وجهان :
أحدهما : أنها مصدر نائب عن الفعل، نحو : ضرباً زيداً.
والثاني : أن تكون منصوبة بالقول، أي : قولوا هذا اللَّفظ بعينه، كما تقدم في وجه الرَّفع، فهي على الأوّل منصوبةٌ بالفعل المقدر، وذلك الفعل المقدر ومنصوبه في محل نصب بالقول، ورجح الزمخشري هذا الوجه.