ولا حاجة إلى ذلك، بل يقال : حذفت الفاء، وما عطفته قبلها.
وجعلها الزمخشري جواب شرط [ مقدر ] قال :[ أو ] فإن ضربت فقد انفجرت، قال :« وهي على هذا فاء فَصِيحة لا تقع إلا في كلام بليغ ». وكأنه يريد تفسير المعنى لا الإعراب.
و « الانْفِجَار » : الانشقاق والتفتُّح، ومنه : الفَجْر لانشقاقه بالضَّوء.
وفي « الأعراف » :﴿ فانبجست ﴾ [ الأعراف : ١٦٠ ] فقيل : هما بمعنى.
وقيل :« الانْبِجَاس » أضيق؛ لأنه يكون أولاً والانفجار ثانياً.
وقيل : انبجس وتبجّس وتفجّر وتفتّق بمعنّى وَاحِدٍ.
قوله :﴿ اثنتا عَشْرَةَ عَيْناً ﴾ فاعل « انْفَجَرَتْ »، والألف علامة الرفع؛ لأنه محمول على المُثَنّى، وليس بمثنى حقيقة، إذ لا واحد له من لفظه، وكذلك مذكره « اثنان »، ولا يضاف إلى تمييز، لاستغنائه بذكر المعدود « مثنى » تقول :« رجلان وامرأتان » ولا تقول : يضاف إلى « اثنا رَجُل، ولا اثنتا امرأة » إلا ما جاء نادراً فلا يقاس عليه، قال :[ الرجز ]

٥٢٥ كَأَنَّ خُصْيَيْهِ مِنَ التَّدَلْدُلِ ظَرْفُ عَجُوزٍ فِيهِ ثِنْتَا حَنْضَلِ
و « ثنتان » مثل « اثنتين »، وحكم اثنين واثنتين في العدد المركب أن يُعْرَبا بخلاف سائر أخواتهما، قالوا : لأنه حذف معهما ما يحذف في المعرب عند الإضافة، وهي النون، فأشبها المعرب فأعربا كالمثنى بالألف رفعاً والباء نصباً وجرًّا.
وأما « عَشْرة » فمبني لتنزله منزلة تاء التأنيث، ولها أحكام كثيرة.
و « عَيْناً » تمييز. وقرأ مجاهد وطلحة وعيسى :« عَشِرَة » بكسر الشين، وهي لغة تميم.
قال النحَّاس :« وهذا عجيب فإن لغة تميم » عشرة « بالكسر، وسبيلهم التخفيف، ولغة » عَشْرة « بالسكون، و سبيلهم التثقيل ».
وقرأ الأعمش :« عَشَرَة » بالفتح.
و « العَيْن » : اسم مشترك بين عَيْنِ الإنسان، وعَيْنِ الماء، وعين الرَّكّية، وعَيْنِ الشمس، وعَيْنِ الذهب، وعين الميزان.
والعين : سحابة تقبل من ناحية القبلة. والعين : المَطَر الدائم ستًّا أو خمساً. والعين : الثقب في المَزَادة، وبلد قليل العين، أي : قليل النَّاس. [ وبها عين، محركة الياء ].
فإن قيل : إذا كانت العين لفظاً مشتركاً بين حقائق، فكيف وقعت هنا تمييزاً؟
فالجواب : أن قوله :« وَإذِ اسْتَسْقَى »، وقوله :« فَانْفَجَرَتْ »، وقوله :« مَشْرَبَهُمْ » دليل على إرادة عين الماء، فاللفظ مع القرينة مميز، والعَيْن من الماء شبيهة بالعين من الحيوان لخروج الماء منها، كخروج الدَّمع من عين الحيوان.
وقيل : لما كان عين الحيوان اشرف ما فيه شبّهت به عين الماء؛ لأنها أشرف ما في الأرض.
قوله :﴿ قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ ﴾


الصفحة التالية
Icon