أي : يسار إليّ بالليل. وعدس لغة في حدس، قاله الجوهري. وعن لعي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« عليكم بالعَدَس فإنه مُبَارك مُقَدّس، وإنه يرقق القَلْب ويكثر الدَّمْعَة فإنه بارك فيه سبعون نبياً آخرهم عِيْسَى ابن مريم ».
اختلف العلماء في أكل البصل والثّوم [ والكراث ] وما له رائحة كريهة من البُقُول.
فذهب الجمهور إلى الإبَاحَةِ، للأحاديث الثابتة في ذلك.
وذهبت طائفة من أهل الظاهر القائلين بوجوب صلاة الفرض في الجَمَاعة إلى المَنْعِ؛ لان النبي عليه الصَّلاة والسَّلام سمّاها خبيثةً.
وقال تعالى :﴿ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخبآئث ﴾ [ الأعراف : ١٧٥ ] والصحيح الأول؛ لقوله عليه الصَّلاة والسَّلام لبعض أصحابه :« كُلْ فِإنِّي أُنَاجي من لا تُنَاجي ».
فصل في لفظ أدنى
قوله :« أَتَسْتَبْدِلُون » ؛ وفي مصحف أُبي « أَتُبَدِّلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى »، وفيه ثلاثة أقوال :
أحدها : وهو الظاهر قول الزجاج أن أصله :« أَدْنَوْ » من الدنو، وهو القرب، فقلبت الواو ألفاً لتحركها، وانفتاح ما قبلها، ومعنى الدُّنُوِّ في ذلك فيه وجهان :
أحدهما : أنه أقرب لقلّة قيمته وخَسَاسته.
والثاني : أانه أقرب لكم؛ لأنه في الدنيا بخلاف الذي هو خير، فإنه بالصبر عليه يحصل نفعه في الآخرة.
والثاني : قول علي بن سليمان الأَخْفَش أن أصله :« أَدْنَأُ » مَهْمُوزاً من دَنَأَ بَدْنَأُ دَنَاءَة، وهي الشيء الخَسِيْس، إلا أنه خفّف همزته؛ كقوله :[ الكامل ]
٥٣٧..................... | فَارْعَيْ فَزَارَةُ لاَ هَنَاكِ الْمَرْتَعُ |
الثالث : أن أصله : أّدْوَن من الشيء الدّون، أي : الرَّدِيء، فقلب بأن أخرت العين إلى موضع اللام، فصار : أَدْنُوُ، فأعلّ كما تقدم. ووزنه « أفلع »، وقد تقدم معنى الاستبدال.
و « أدنى » خبر عن « هو »، والجملة صلة وعائد، وكذلك :« هو خير » صلة وعائد أيضاً.
فصل في معنى الآية
ومعنى الآية : أتستبدلون البقل والقثّاء والفوم والعدس والبصل الذي هو أدنى بالمَنْ والسَّلوى الذي هو خير؟ من وجوه :
الأول : أنّ البقول لا خطر لها بالنسبة إلى المَنّ والسلوىن لأنهما طعام مَنّ الله به عليهم، وأمرهم بأكله، فكان في استدامته شكر نعمة الله، وذلك أَجْر وذُخْر في الآخرة، والذي طلبوه عَارٍ من هذه الخصال، فكان أدنى.
وأيضاً لما كان المَنَّ والسَّلوى ألذّ من الذي سألوه، وأطيب كان أدنى، وأيضاً لما كان ما أعطوه لا كُلْفة فيه، ولا تعب، وكان الذي طلبوه لا يجيء إلا بالحَرْثِ والتعب كان [ أيضاً ] أدنى.
وأيضاً لما كان ما ينزل عليهم لا مِرْيَة في حلّة وخُلُوصه لنزوله من عند الله، والحبوب والأرض يتخلّلها البيوع والغُضُوب وتدخلها الشُّبه، كانت أدنى من هذا الوجه.