والياء في « قدي » تحتمل أن تكون بمعنى « حسبي »، ولم يأت بنون الوقاية على أحد الوجهين، وتحتمل أن تكون اسم فعل، وحذفت النون للضرورة، وتحتمل أن تكون اسم فعل، والياء للإطلاق.
وإن كانت حرفاً جاز حذف الفعل بعدها، كقوله :[ الكامل ]
٥٦٦ أَزِفَ التَّرَحُّلُ غَيْرَ أَنَّ رِكَابَنَا | لَمّا تَزُلْ بِرِحَالِنَا وَكَأَنْ قَدِ |
وللقسم وجوابه أحكام تأتي إن شاء الله تعالى [ مفصلة ].
و « عَلِمْتُم » بمعنى : عرفتم، فيتعدّى لواحد فقط.
والفرق بين العِلْمِ والمَعْرفة أن العلم يستدعي معرفة الذات، وماهي عليه من الأحوال نحو :« علمت زَيداً قائماً أو ضاحكاً »، والمعرفة تستدعي معرفة الذَّات.
وقيل : لأن المعرفة يسبقها جهل، والعلم قد لايسبقه جهل، ولذلك لا يجوز إطلاق المعرفة عليه سبحانه وتعالى.
و « الَّذِينَ اعْتَدَوا » الموصول وصِلَتُهُ في محصل نصب مفعول به، ولا حاجة إلى حذف مضاف كما قدره بعضهم، أي : أحكام الذين اعتدوا؛ لأن المعنى عرفتم أشخاصهم وأعيانهم.
وأصل « اعْتَدَوْا » :« اعْتَدَيُوا »، فأعلّ بالحذف، ووزنه « افْتَعَوْا »، وقد عرف تصريفه ومعناه.
و « منكم » في محلّ نصب على الحال من الضمير في « اعتدوا »، ويجوز أن يكون من « الذين ». أي من المعتدين كائنين منكم.
و « من » للتبعيض.
و « السَّبْتِ » متعلّق ب « اعتدوا »، والمعنى : في حكم السبت.
وقال أبو البقاء : وقد قالوا :« اليوم السَّبت »، فجعلوا « اليوم » خبراً عن « السبت »، كما يقال :« اليوم القتيال »، فعلى ما ذكرنا يكون في الكلام حذف، تقديره : في يوم السَّبْت، فالسَبت في الأصل مصدر « سَبَتَ » أي : قطع العمل.
وقال ابن عطية : والسَّبْت : إما مأخوذ من « السُّبُوت » الذي هو الراحة والدَّعَة، وإما من « السَّبْت » وهو القطْع؛ لأن الأشياء فيه سبتت، وتمت خِلْقَتُهَا.
ومنه قولهم : سبت رأسه أي : حلقه.
وقال الزمخشري :« والسّبت مصدر [ سبتت ] اليهود : إذا عظمت يوم السبت ». وفيه نظر، فإنّ هذا اللفظ موجود، واشتقاقه مذكور في لسان العرب قبل فعل اليَهُود ذلك، اللّهم إلا [ أن ] يريد هذا السبت الخاصَّ المذكور في هذه الآية.
والأصل فيه المصدر كما ذكرت، ثم سمي به هذا اليوم من الأسبوع، لاتفاق وقوعه فيه كما تقدم أن خلق الأشياء تَمّ وانقطع، وقد يقال : يوم السبت فكيون مصدراً.
وإذا ذكر معه « اليوم »، أو مع ما أشبهه من أسماء الأزمنة مما يتضمّن عملاً وحدثاً جاز نصب « اليوم »، ورفعه، نحو :« اليوم الجمعة »، « اليوم العيد » كما يقال :« اليوم الاجتماع والعَوْد ».