و « خشية » مصدر مضاف للمفعول تقديره : من أن يخشى الله، وإسناد الهبوط إليها استعارة؛ كقوله :[ الكامل ]
٥٩٧ لَمَّا أَتَى خَبَرُ الزُّبَيْرِ تَواضَعَتْ | سُورُ الْمَدِينَةِ والْجِبَالُ الْخُشَّعُ |
وقيل : الضمير في « منها » يعود على « القلوب »، وفيه بُعْد لتنافر الضمائر.
قوله :« وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ » قد تقدم في قوله :« وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ».
قال القرطبي :« بغافل » في موضع نصب على لغة « الحِجَاز »، وعلى لغة « تميم » في موضع رفع.
قوله :« عَمَّا تَعْمَلُونَ » متعلّق ب « غافل »، و « ما » موصولة اسمية، والعائد الضمير، أي : تعملونه، أو مصدرية فلا يحتاج إليه أي : عن عملكم، ويجوز أن يكون واقعاً موقع المفعول به، ويجوز ألاّ يكون.
وقرىء : يَعْمَلُونَ « بالياء والتاء.
فصل في المقصود بالآية
والمعنى : أن الله بِالْمِرصَاد لهؤلاء القاسية قلوبهم، وحافظ لأعمالهم مُحْصٍ لهان فهو مجازيهم بها وهو كقوله :﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً ﴾ [ مريم : ٦٤ ] وهذا وعيد وتخويف كبير.
فإن قيل : هل يصح أن يوصف الله بأنه ليس بغافل؟
قال القاضي : لا يصح؛ لأنه يوهم جواز الغَفْلة عليه، وليس الأمر كذلك؛ لأن نفي الصفة عن الشيء لا يستلزم ثبوت صحّتها عليه، بدليل قوله ﴿ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ ﴾ [ البقرة : ٢٥٥ ] ﴿ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ ﴾ [ الأنعام : ١٤ ].