فلو كانت « فُعْلَى » اسماً صحّت الواو؛ كقوله :[ الطويل ]
٦٤٤ أَدَارًا بِحُزْوَى هِجْتِ لِلْعَيْنِ عَبْرَةً | فَمَا الْهَوَى يَرْفَضُّ أَوْ يَتَرَقْرقُ |
فصل في المراد بالخِزْي في الآية
اختلفوا في هذا الخِزْي على جوه :
أحدها : قال الحَسَن : وهو الجزية والصَّغَار، وهو ضعيف؛ لأن الجِزْيَةَ لم تكن ثابتةً، في شريعتهم، بل إن حملنا الآية على خطاب الذين كانوا في زمن النبي ﷺ فيصحّ.
الثاني : خِزْي « بني قريظة » بالقَتْل والسَّبي، وخزي بني النَّضير بالجَلاَء والنفي عن منازلنهم إلى « أَذْرعات » و « أريحا » من « الشام »، وهذا أيضاً إنما يصحّ إذا حملنا الآية على الحاضرين في زمان ﷺ.
الثالث : قال ابن الخَطِيْبِ وهو الأولى : إنّ المراد منه الذَّمّ العظيم ولتحقير البالغ من غير تخصيص ذلك ببعض الوجوه دون بعض، والتنكير في قوله :« خزي » يدلّ على أن الذّم واقع في النهاية العظمى.
[ وقوله ] يُرَدُّونَ [ قرىء ] بالغيبة على المشهور وفيه وجهان.
أحدها : أن يكون التفاتاً، فيكون راجعاً إلى قوله « أَفَتُؤْمِنُونَ » فخرج من ضمير الخطاب إلى الغيبة.
والثَّاني : أنه لا التفات فيه، بل هو راجع إلى قوله :« مَنْ يَفْعَلْ ».
وقرأ الحسنك « تُرَدُّون » بالخطاب وفيه الوجهان المتقدمان :
فالالتفات نظراً لقوله :« مَنْ يَفْعَلْ »، وعدم الالتفات نظراً لقوله :« أَفَتُؤْمِنُونَ ».
وكذلك :﴿ وَمَا الله بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ قرىء في المشهور بالغيبة والخطاب والكلام فيهما كما تقدم.
فإن قيل : عذاب الدّهري الذي ينكر الصَّانع يجب أن يكون أَشدَّ من عذاب اليهود، فكيف يكون في حقّ اليهود ﴿ يُرَدُّونَ إلى أَشَدِّ العذاب ﴾ ؟
فالجواب : المراد منه أشد من الخِزْي الحاصل في الدنيا، فلفظ الأشد وإن كان مطلقاً إلاّ أن المراد أشد من هذه الجهة.