« الذين » يحتمل الرفع والنصب والجر، والظاهر الجر، وهو من ثلاثة أوجه : أظهرها : أنه نعت ل « المتقين ».
والثاني : بدل.
والثالث : عطف بيان.
وأما الرفع فمن وجهين :
أحدهما : أنه خبر مبتدأ محذوف على معنى القطع، وقد تقدم.
والثاني : أنه مبتدأ، وفي خبره قولان : أحدهما :« أولئك » الأولى.
والثاني :« أولئك » الثانية، والواو زائدة، وهذان القولان منكران؛ لأنه قوله :« والذين يؤمنون » يمنع كونه « أولئك » الأولى خبراً أيضاً.
وقولهم : الواو زائدة لا يلتفت إليه.
والنصب على القطع.
و « يؤمنون » صلة وعائد.
قال الزمخشري :« فإذا كان موصولاً كان الوقف على » المتقين « حسناً غير تام، وإذا كان منقطعاً كان واقفاً تاماً ».
وهو مضارع علامة رفعه « النون » ؛ لأنه أحد الأمثلة الخَمْسَةِ وهي عبارة عن كل فعل مضارع اتصل به « ألف » اثنين، أو « واو » جمع، أو « ياء » مخاطبة، نحو :« يؤمنان- تؤمنان- يؤمنون- تؤمنون- تؤمنين ».
والمضارع معرب أبداً، إلاّ أن يباشر نون توكيد أو إناث، على تفصيل ياتي إن شاء الله -تعالى- في غُضُون هذا الكتاب.
وهو مضارع « أمن » بمعنى : صدق، و « آمن » مأخوذ من « أمن » الثلاثي، فالهمزة في « أمن » للصّيرورة نحو :« أعشب المكان » أي : صار ذا عُشْب.
أو لمطاوعة فعل نحو :« كبه فأكب »، وإنما تعدى بالباء، لنه ضمن معنى اعترف، وقد يتعدّى باللام كقوله تعالى :﴿ وَمَآ أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا ﴾ [ يوسف : ١٧ ]، ﴿ فَمَآ آمَنَ لموسى ﴾ يونس : ٨٣ ] إلاَّ أن في ضمن التعدية باللام التّعدية بالباء، فهذا فرق ما بين التعديتين. وأصل « يؤمنون » :« يؤأمنون » بهمزتين :
الأولى : همزة « أفْعَل ».
والثاني فاء الكلمة، حذفت الولى؛ لأن همزة « أفْعَل » تحذف بعد حرف المُضَارعة، واسم فاعله، ومفعوله نحو : طأكرم « و » يكرم « و » أنت مُكْرِم، ومُكْرَم «.
وإنما حذفت؛ لأنه في بعض المواضع تجتمع همزتان، وذلك إذا كان حرف المُضّارعة همزة نحو :» أنا أكرم «، الأصل : أأكرم بهمزتين، الولى : للمضارعة والثانية : همزة أفعل، فحذفت الثانية؛ لأن بها حصل الثّقل؛ ولأن حرف المضارعة أولى بالمحافظة عليه، ثم حصل باقي الباب على ذلك طَرْداً للباب.
ولا يجوز ثبوت همزة » أفعل « في شيء من ذلك إلا في ضرورة؛ كقوله :[ الرجز ]
١١٩- فَإَنَّهُ أَهْلٌ لأَنْ يُؤَكْرَمَا... وهمزة » يؤمنون « -وكذلك كل همزة ساكنة- يجوز أن تبدل بحركة ما قبلها، فتبدل حرفاً متجانساً نحو :» راس « و » بير « و » يومن «، فإن اتفق أن يكون قبلها همزة أخرى وجب البدل نحو :» إيمان « و » آمن «.