وقال الأعرابيِّ : تخوَّفتُ الشَّيءَ وتخيَّفتهُ إذا تنقَّصتهُ.
حكى الزمخشريُّ أن عمر - رضي الله عنه - سألهم على المنبر عن هذه الآية فسكتوا، فقام شيخٌ من هذيل، فقال : هذه لغتنا، التخَوُّف التنقُّص، فقال عمر : فهل تعرف العرب ذلك في أشعارها؟.
قال : نعم، قال شاعرنا :[ البسيط ]

٣٣١١- تخوَّف الرَّحلُ منهَا تَامِكاً قَرِداً كمَا تَخوَّفَ [ عُودَ ] النَّبْعةِ السَّفن
فقال عمر - رضي الله عنه- : أيُّها الناس عليكم بديوانكم لا تضلُّوا، قالوا : وما ديواننا؟ قال : شعر الجاهلية؛ فإنَّ فيه تفسير كتابكم، وكان الزمخشري نسب البيت قبل ذلك لزهير، وكأنه سهوٌ؛ فإنه لأبي كبير الهذلي؛ ويؤيد ذلك قول الرجل : قال شاعرنا، وكان هذيلياً كما حكاه هو، فعلى هذا يكون المراد ما يقع في أطراف بلادهم، كما قال تعالى :﴿ أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأرض نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَآ ﴾ [ الأنبياء : ٤٤ ] أي : لا نعاجلهم بالعذاب، ولكن ننقص من أطراف بلادهم حتى يصل إليهم فيهلكهم.
ويحتمل أن النَّقص من أموالهم وأنفسهم يكون قليلاً قليلاً حتى يفنوا جميعهم.
وقال الضحاك، و الكلبيُّ : من الخوف، أي : لا يأخذهم بالعذاب، أولاً؛ بل يخيفهم، أو بأن يعذب طائفة؛ فتخاف التي يليها.
ثم قال :﴿ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾ أي يمهل في أكثر الأمر؛ لأنه رءوف رحيم، فلا يعاجل بالعذاب.


الصفحة التالية
Icon